القصة البوليسية : لغز قصر الأسرار .. الجزء التاسع ..

القصر الغامض

عندما أكمل أبطالنا جولتهم وعادوا قرابة الظهر فوجئوا بأن والدتيهم قد أكملتا تجهيز رداء الفرقة الخاص لكل منهم .. وفي سعادة أمسك كل منهم بردائه وانطلق إلى حجرته ليرتديه .. وبعد دقائق قليلة كانوا قد تجمعوا في الحديقة سعداء بردائهم الجديد الأزرق المميز .. وهتف جواد بسرور: ما أجمله .. لا ينقصنا سوى القبعة والحذاء

قالت تغريد : سنشتري القبعة لإغن صنعها أمر صعب

وقالت لميس : وأما الأحذية فأعتقد أن كل منا يملك حذاءً رياضياً وهو يصلح مؤقتا .

هز الجميع رؤوسهم موافقون .. وحتى لينا ارتدت رداء الفرقة الجديد وقد ظهر عليها السرور الشديد وإن كان هذا لم يمنعها من مواصلة مهمتها في تنظيف الكوخ الجديد مما تبقى به من قصاصات .

وقالت السيدة فيروز مسرور : والآن ... هيا لتناول الغداء عندنا .

فانطلق الجميع نحو منزل جهاد وجواد فقد كانوا يحسون بجوع شديد .. وجلسوا جميعاً يتناولون طعامهم في سرور .. وكانت لميس أول من أننهى طعامه ووضعت قليلاً من اللحم والعظم في صحن وخرجت إلى الحديقة لتضعهأمام لولو ..

ولكن لولو لم يكن بكوخه .. وبحثت لميس عنه في الاماكن التي اعتاد الاختفاء فيها فلم تعثر عليه .. وجاءت تغريد ضاحكة لتسألها عما تفعله فأجابت لميس : إنني أبحث عن لولو ليتناول طعامه .

قالت تغريد باسمة : لا بد أنه مختبئ في مكان ما .

ردت لميس قلقة : بحثت عنه في كل الأماكن التي اعتاد الاختباء بها بلا فائدة .

تغريد : لعله اكتشف مخبأً جديداً فإنت تعلمين أنه مولع بالبحث عن المخابئ الجديدة التي لم يكتشفها أحد .

قالت لميس وهي تنظر بعينيها هنا وهناك : إنني قلقة عليه ..


جذبت تغريد أختها من يدها وقالت لها : لا داع لقلقك .. هيا نصعد إلى غرفتنا لننام فترة الظهيرة الحارة وعندما تستيقظين ستكتشفين ظهور لولو واختفاء اللحم والعظم من الطبق .

فابتسمت لميس وصعدت مع أختها إلى غرفتهما وإن كان القلق لم يزايلها.

كان أول ما لاحظته لميس عندما هبطت إلى الحديقة وقت العصر أنالصحن الذي وضعته أمام كوخ كلبها لولو لا يزال كما هو لم يمسه الكلب .. وتصاعد قلق لميس فإن كلبها لم يعتد أن يقضي النهار كله بلا طعام .. وراحت تهتف : لولو .. أين أنت يا لولو ..

وهبطت الجميع على ندائها .. وأدركت تغريد ما حدث .. إن لميس لم تعثر على كلبها لولو .. وقال جهاد بدهشة : هذا غريب .. أين ذهب ؟

قال جواد باسماً : لعله خرج في نزهةٍ ثانيةً بعد أن أعجبته نزهة الصباح.

فنظرت لميس إلى جواد بحدة فهتف جواد بسرعة : إنني لا أقصد السخرية و ..

فقاطعته لميس بلهفة : لا يا جواد .. يبدو أنك على حق ..

فنظر جواد نحوها بدهشة وأكملت لميس : لدي إحساس بأن لولو عاد إلى تلك الحديقة التي عثرنا عليه بها .

قالت تغريد باستغراب : ماذا تقولين ؟

لميس : ليس هناك تفسير آخر غير ذلك .. كان يبدو على الكلب الحزن الشديد عندما أخذناه هناك ولا بد أنه عاد غلى القصر العجيب .

تساءل جهاد : وكيف سيعرف الطريق ؟

وتساءل جواد : وكيف ستأتيه الجرأة ليخرج وحده ؟

ردت لميس بحيرة : كل هذه الأمور لا أعرفها كل ما نستطيعه الآن هو أن نذهب إلى حديقة ذلك القصر العجيب للبحث عن لولو ..

واسرعت إلى دراجتها وبدون تفكير تبعها الباقون وانطلقوا خلفها .. إلى القصر العجيب ..

ووصلوا بسرعة ..

ركنت لميس دراجتها أمام القصر الغريب الشكل واندفعت نحو الحديقة المفتوحة .. وجالت ببصرها في أرجائها الواسعة بدون أن تلمح كلبها الصغير لولو .. هتفت لميس منادية : لولو .. لولو ..

ولكن .. لم يجاوبها صوت ما .. وأسرعت لميس تبحث عن الكلب وسط أشجار الحديقة الكبير .. ودخل باقي أعضاء الفرقة خلقها وسألها جواد بلهفة : لميس ، هل وجدتِ الكلب ؟

ردت لميس بحيرة : لا .. لا أدري أين هو .

قالت تغريدلنبحث في أرجاء الحديقة الواسعة .

وانطلقوا يبحثون في كل أنحاء الحديقة وهم يفتشون في كل ركن فيها بلا فائدة وأخيراً تجمعوا أمام باب الحديقة .. كان واضحاً أن لولو والكلب الآخر غير موجودين ، هتفت لميس بدهشة وحيرة : أين إذاً ذهب لولو ..

جهاد : لعله لم يأت هنا أساساً

لميس : إذاً فأين الكلب الآخر الذي شاهدناه هنا صباحاً .

تغريد : ربما كان بداخل القصر ..

لميس : وربما كان لولو معه أيضاً داخل القصر ..

جواد : معك حق يا لميس .. ولكن كيف سنتأكد ؟

لميس : ليس هناك سوى تصرف وحيد يمكننا أن نفعله .. أن نستدعي أصحاب هذا القصر الغريب ونطلب منهم البحث عن كلبنا وإعادته إلينا .

تلفت جهاد حوله وقال بقلق : هذا إذا كان هناك سكان في هذا القصر الغريب .

تغريد : ماذا تقصد يا جهاد ؟

جهاد : ألم تلاحظوا شيئاً غريباً .. أننا منذ دخلنا هنا لم نصادف مخلوقاً ..

جواد : معك حق يا جهاد .. لعل أحد لا يسكن به .

هز جهاد رأسه نافياً وقال : غير معقول .. خصوصاً والحديقة اليانعة المثمرة تدل على أن هناك من يهتم بها ويعنى بشؤونها .. كما أن باب الحديقة المفتوح يدل على أن أحداً قد دخل أو خرج منه .

وصمت الجميع ..كان كلام جهاد منطقياً .. ولمحت لميس جرساً على باب القصر الداخلي فهتفت : إنني أرى جرساً على باب القصر .. لندقه .

وأسرعت نحو الجرس وضغطت عليه .. وسمعوا صوت الجرس وهو يدوي داخل القصر الغامض .. ومرت دقيقة أو أكثر وهم ينتظرون بدون جدوى .. وعاودت لميس دق الجرس مرة واثنتين وثلاثة .. ولكن لا مجيب .

وزفرت لميس بغيظ قائلة : هذا غريب .. من غير المعقول أن هذا القصر لا يسكنه أحد .

وقالت تغريد بقلق : سوف تغرب الشمس بعد قليل وستصبح مهمتنا اكثر صعوبة .

تساءل جهاد : وما العمل الآن ؟

لميس : لندخل إلى القصر .

هتف جهاد معترضاً : ماذا تقولين يا لميس .. كيف ندخل مكاناً بدون إذن أصحابه ؟

لميس : ولكن لولو بالداخل .

اعترضت تغريد قائلة : وكيف نتأكد .. إننا لا نعرف حتى الآن .

جواد : هناك شيء هام يا لميس نسيته .. كيف تمكن لولو من الدخول إلى القصر إذا كانت كل الأبواب مغلقة ؟

فنظرت لميس إلى جواد مفكرة .. كان كلامه منطقياً .. .. وهتفت لميس بحيرة : إذن ..

هز جواد رأسه بنعم وقال: يبدو أن لولو ليس بالداخل ..أعتقد أننا تسرعنا بالمجيئ إلى هنا ولعل لولو في حديقتنا أو في مكان آخر .
لميس : والكلب الاخر ؟

جواد : لعله كلب متشرد دخل هذه الحديقة بالصدفة ..

ظهر الحزن على وجه لميس .. وبدا أنها اقتنعت بكلام جواد وهتفت بصوت خفيض : معك حق يا جواد .. هيا بنا .

واستدارت عائدة إلى دراجتها بالخارج .. وألقت نظرة أخيرة نحو القصر قبل أن تركب دراجتها .. وفجأة اتسعت عيناها دهشة وقالت : انظروا...

واشارت إلى نافذة بالطابق العلوي . وبسرعة نظروا حيث أشارت لميس .. كانت النافذة مغلقة ومظلمة ..وقال جهاد بدهشة : ماذا هناك يالميس؟ ..

هتفت لميس بانفعال : النااااااافذة.. لقد انفتحت وأطل منها شخص لم أتبينه ُم أغلقت مرة أخرى . نظر المغامرون نحو النافذة مرة أخرى .. كانت مغلقة مظلمة فقال جواد للميس : هل أنت متأكدة؟

هزت لميس رأسها بتوكيد وقالت تغريد : هذا غريب .. إن كان ثمة شخص باالداخل فلماذا لم يفتح لنا عند دق الجرس ؟

ياترى هل فعلاً هناك شخص بالداخل أم أن لميس كانت متوهمة ..

وهل لولو بداخل هذا القصر العجيب ؟!

تابعونا في الجزء العاشر

تحياتي لكم..