|
| مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
» Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:04 pm | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم. نعيش في هذا البحث إن شاء الله تعالى مع أعظم دستور للمعاملات عرفه الإنسان . حيث الأداب الربانية الرفيعة والأخلاق التي إن طبقناها لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس. ويعتمد هذا البحث على كتاب الله ( القرآن العظيم ) والأحاديث الصحيحة التي وردت في كتب الصحاح كالبخاري ومسلم . والمراجع العلمية التي أهتمت بهذا الجانب وهي كثيرة . . والله الموفق إلى صالح الأعمال.
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -1 الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -2 الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ -3 مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ -4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ -5 اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ -6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ-7
****
نلاحظ هنا كيف بدأ القرآن العظيم بصفة الرحمة لله عز وجل ليدلك أن الإسلام كله رحمة . قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء
الرحمن الرحيم
الاسمان مشتقان من الرحمة , الرحمة التامة وهي إفاضة الخير على العباد. والرحمة العامة تعم جميع الخلائق , فإن رحمة الله تامة عامة ومن رحمة تعالى أن أنعم علينا بالإيجاد ثم بالهداية للإيمان ثم بأسباب السعادة في الدنيا ثم السعادة في الأخرة قال رسول الله : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7554 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله : إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها . وأخر الله تسعا وتسعين رحمة . يرحم بها عباده يوم القيامة الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2752 خلاصة الدرجة: صحيح
وقال رسول الله : الراحمون يرحمهم الله ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 127 خلاصة الدرجة: صحيح فيجب أن نتخلق بهذا الخلق ألا وهو الرحمة , فالراحمون يرحمهم الرحمن .
***** خلق الاستقامة
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
ندرك من الآية مدى قيمة الاستقامة على طريق الحق , فالطريق المستقيم هو أقرب الطرق الى الهدف أما الطرق المعوجة فلا تؤدي إلى شئ إلا الهلاك - والطريق المستقيم هو طريق المؤمنين الذين أنعم الله عليهم في الدنيا والاخرة
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ.
*****
ومع أنوار سورة البقرة نلاحظ فضيلة التقوى من أولها , وكيف تؤدي التقوى بصاحبها إلى الفلاح في الدنيا والجنات في الاخرة , فالتقوى هي خوف من الله تعالى في القلب ينعكس على كل جوارح الإنسان فيكون عبدا ربانيا , لايعصي الله ولا يعصي رسول الله قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم -1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ -2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -3 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ -4 أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ-5
أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين. والهدى: ما تحصل به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. والتقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. والهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان,
فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ – 45 العنكبوت وكثيرا ما يجمع الله تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق، فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, فلا يفرقون بين أحد منهم. أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وحصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم,
وفي نهاية الربع الأول بشرى للمؤمنين الذين يعملون الصالحات , بكل ما تعنيه كلمة الإصلاح , سواء للدنيا أو للآخرة. قال تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - 25
**** وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
يمنع الرد الا بعد
الانتهاء | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
» Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:46 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثامن عشر ( 6 ) وبعض أيات من سورة النور
إن شاء الله نستكمل الحديث عن المبدأ الأول وحديث الإفك وقصته التي توضح خطورة الشائعات التي يبثها أعداء الإسلام ويرددها العامة من المسلمين دون فهم ولا تدبر حيث لا يدركون خطورة الكلمة .
وقد ثبت في الصحاح والسنن والمسانيد حادثة الإفك. كانت غزوة بني المصطلق في شعبان سنة ست وخرج النبي صلى الله عليه واله وسلم في تلك الغزوة بالسيدة عائشة معه, أقرع بين نسائه فخرج سهمها وفي تلك الغزوة قال فيها أهل الإفك ما قالوا فأنزل الله عز وجل براءتها . الراوي: محمد بن إسحاق - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 6/145 خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات.
وحاصلها أن النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض غزواته، ومعه زوجته السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق، فانقطع عقدها فانحبست في طلبه, ورحلوا جملها وهودجها، فلم يفقدوها ولم ينتبه حملة الهودج لعدم وجودها، ثم استقل الجيش راحلا، وجاءت مكانهم، وعلمت أنهم إذا فقدوها، رجعوا إليها فاستمروا في مسيرهم، وكان صفوان بن المعطل السلمي، من أفاضل الصحابة رضي الله عنه، في أخريات القوم وذلك للنظر في الموقع للتأكد أن الجيش لم يترك شئ , فرأى أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها فعرفها، فأناخ راحلته، فركبتها من دون أن يكلمها أو تكلمه، ثم جاء يقود بها بعد ما نزل الجيش في الظهيرة أي في وضح النهار، سبحان الله أمر جلي واضح ..ولكنه الإبتلاء للمجتمع الإيماني بأن يحسن الظن بأخلاق المؤمنين وأن الإيمان يفرض رقابة ذاتية على المؤمن لعلمه أن الله تعالى يراه وأن الله تعالى كاشفا لرسوله صلى الله عليه وسلم كل أمر يسوءه..كما حدث في وقائع كثيرة الكل يعلمها علم اليقين.. ولكن المنافقين وهم أشد كرها للإسلام ورسوله نسوا أن الله تعالى سميع عليم..
فلما رأى بعض المنافقين الذين في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك السفر مجيء صفوان بها في هذه الحال، أشاع ما أشاع، ووشى الحديث، وتلقفته الألسن، حتى اغتر بذلك بعض المؤمنين، وصاروا يتناقلون هذا الكلام، وتناسى المتكلمون أن الله تعالى مطلع يسمع ويرى وليس من المعقول أن يخبر نبيه بجميع الأخطار التي تحاك به من أعداءه ولا يخبره بشأن خطير كالذي يقولونه ظلما وعدونا ودون علم.. بأبي أنت وأمي يارسول الله كم تحملت من الآلام من أجلنا..
وانحبس الوحي مدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وبلغ الخبر عائشة بعد ذلك بمدة حيث كانت لا تتصور أن يتحدث الناس بمثل هذا الكلام عن المؤمن أو المؤمنة, ولو وضع أي مؤمن نفسه مكان الصحابي الجليل صفوان هل سيخطر بباله أن ينظر نظرة سوء لأمه السيدة عائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ؟؟... فحزنت حزنا شديدا، فتغش رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه من الوحي ثم سري عنه فمسح وجهه بيده ثم قال أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك فقالت عائشة والله ما كنت أظن أن ينزل القرآن في أمري ولكني كنت أرجو لما يعلم الله من براءتي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في أمري رؤيا فيبرئني الله بها عند نبيه صلى الله عليه وسلم.
فأنزل الله تعالى براءتها في هذه الآيات، ووعظ الله المؤمنين، وأعظم ذلك، ووصاهم بالوصايا النافعة. فقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ ﴾ أي: الكذب الشنيع، وهو رمي أم المؤمنين ﴿ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ أي: جماعة منتسبون إليكم يا معشر المؤمنين، منهم المؤمن الصادق في إيمانه ولكنه اغتر بترويج المنافقين ومنهم المنافق.
﴿ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ لما تضمن ذلك تبرئة أم المؤمنين ونزاهتها، والتنويه بذكرها، حتى تناول عموم المدح سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ولما تضمن من بيان الآيات المضطر إليها العباد، التي ما زال العمل بها إلى يوم القيامة، فكل هذا خير عظيم،
لولا مقالة أهل الإفك لم يحصل ذلك، وإذا أراد الله أمرا جعل له سببا، ولذلك جعل الخطاب عاما مع المؤمنين كلهم، وأخبر أن قدح بعضهم ببعض كقدح في أنفسهم، ففيه أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، واجتماعهم على مصالحهم، كالجسد الواحد. والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فكما أنه يكره أن يقدح أحد في عرضه، فليكره من كل أحد، أن يقدح في أخيه المؤمن، الذي بمنزلة نفسه، وما لم يصل العبد إلى هذه الحالة، فإنه من نقص إيمانه وعدم فهمه لحقيقة العقيدة.
﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ ﴾ وهذا وعيد للذين جاءوا بالإفك، وأنهم سيعاقبون على ما قالوا من ذلك. ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ﴾ أي: معظم الإفك، وهو المنافق الخبيث، عبد الله بن أبي بن سلول - لعنه الله - ﴿ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ألا وهو الخلود في الدرك الأسفل من النار. ثم أرشد الله عباده عند سماع مثل هذا الكلام فقال: ﴿ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ﴾ أي: ظن المؤمنون بعضهم ببعض خيرا، وهو السلامة مما رموا به، وأن ما معهم من الإيمان المعلوم، يدفع ما قيل فيهم من الإفك الباطل، ﴿ وَقَالُوا ﴾ بسبب ذلك الظن ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ أي: تنزيها لك من كل سوء، وعن أن تبتلي أصفياءك بالأمور الشنيعة، ﴿ هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ أي: كذب وبهت، من أعظم الأشياء، وأبينها. فهذا من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، مثل هذا الكلام، أن يبرئه بلسانه، ويكذب القائل لذلك. ﴿ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ أي: هلا جاء الرامون على ما رموا به، بأربعة شهداء أي: عدول مرضيين. ﴿ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ وإن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك، فإنهم كاذبون في حكم الله، لأن الله حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود. ﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ولكن من فضل الله عليكم ورحمته، أن شرع لكم التوبة، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب.
******
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ﴾ أي: العفائف عن الفجور التي لم يخطر ذلك بقلوبهن, الذين يرمونهم ﴿ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴾ واللعنة لا تكون إلا على ذنب كبير. وأكد اللعنة بأنها متواصلة عليهم في الدارين ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ وهذا زيادة على اللعنة، أبعدهم عن رحمته، وأحل بهم شدة نقمته. وذلك العذاب يوم القيامة ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ فكل جارحة تشهد عليهم بما عملته، ينطقها الذي أنطق كل شيء، فلا يمكنه الإنكار، ولقد عدل في العباد، من جعل شهودهم من أنفسهم، ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ ﴾ أي: جزاءهم على أعمالهم، الجزاء الحق، الذي بالعدل والقسط، فأوصافه العظيمة حق، وأفعاله هي الحق، وعبادته هي الحق، ولقاؤه حق، ووعده ووعيده، وحكمه الديني والجزائي حق، ورسله حق.
*******
﴿ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ أي: كل خبيث من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للخبيث، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، وكل طيب من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للطيب، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، فهذه كلمة عامة وحصر، لا يخرج منه شيء، من أعظم مفرداته، أن الأنبياء -خصوصا أولي العزم منهم، خصوصا سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو أفضل الطيبين من الخلق على الإطلاق لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء، فالقدح في أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المقصود بهذا الإفك، من قصد المنافقين، فمجرد كونها زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، يعلم أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة من هذا الأمر القبيح. فكيف وهي هي؟" صديقة النساء وأفضلهن وأعلمهن وأطيبهن، حبيبة رسول رب العالمين، التي لم ينزل الوحي عليه وهو في لحاف زوجة من زوجاته غيرها، ثم صرح بذلك، بحيث لا يبقى لمبطل مقالا، ولا لشك وشبهة مجالا، فالله تعالى كاشفا لرسوله كل مؤامرات البشر ضده , وكاشفا له طهارة أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها وسائر ال البيت الكرام, فقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ والإشارة إلى أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها أصلا، وللمؤمنات المحصنات الغافلات تبعا ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ﴾ تستغرق الذنوب ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ في الجنة صادر من الرب الكريم.
********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:47 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثامن عشر ( 7 ) وبعض أيات من سورة النور
ويجري سياق السورة حول محورها الأصيل ( محور التربية ) في خمسة مبادئ: تحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول.
وإن شاء الله تعالى نتناول اليوم الحديث عن المبدأ الثاني.
حيث يتناول وسائل الوقاية من الجرائم الأخلاقية، وتجنيب النفوس أسباب الإغراء والغواية. فيبدأ بآداب البيوت والاستئذان على أهلها، والأمر بغض البصر والنهي عن إبداء الزينة للمحارم....والتحذير من دفع الفتيات إلى البغاء.. وكلها أسباب وقائية لضمان الطهر والتعفف في عالم الضمير والشعور، ودفع المؤثرات التي تهيج الميول الحيوانية، وترهق أعصاب المؤمنين المتطهرين، وهم يقاومون عوامل الإغراء والغواية.
ومع أخلاقيات الإستئذان وحرمات المنازل تطالعنا الأيات التالية:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ -27 فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ -28
يرشد الباري عباده المؤمنين، أن لا يدخلوا بيوتا غير بيوتهم بغير استئذان، فإن في ذلك عدة مفاسد: منها ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " فبسبب الإخلال به ، يقع البصر على العورات التي داخل البيوت ، فإن البيت للإنسان في ستر عورة ما وراءه، بمنزلة الثوب في ستر عورة الجسد. ومنها: أن ذلك يوجب الريبة من الداخل بدون إذن، لأن الدخول خفية، يدل على الشر، ومنع الله المؤمنين من دخول غير بيوتهم حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا أي: يستأذنوا .. سمي الاستئذان استئناسا، لأن به يحصل الاستئناس، وبعدمه تحصل الوحشة, ﴿ وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ وصفة ذلك، ما جاء في الحديث: " السلام عليكم، أأدخل "؟ ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ لاشتماله على عدة مصالح، وهو من مكارم الأخلاق الواجبة، فإن أذن، دخل المستأذن. ﴿ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ﴾ أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، ﴿ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾ أي: أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم الحسنات. ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم ﴾ وبهذا الأدب الرفيع المستوى والحساسية المرهفة للشخصية المؤمنة نهض المسلمون الأوائل بفتح القلوب ونشر الإسلام بتلك الأخلاق التي لا تجد لها نظيرا بين أخلاقيات الأمم .
*******
لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ -29
مثل الفنادق وبيوت الضيافة ومساكن العاملين إن كانت خالية وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ من أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية.
*******
ومن الأخلاق الرفيعة التي تضع حائل ضد الرذائل تلك الأخلاق التي تناولتها الأيات التالية .
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ -30
﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى كل ما يخاف بالنظر إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور... ﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ أطهر وأطيب، وأنمى لأعمالهم، فإن في هذا الحفظ، طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش، وزكت أعماله، بسبب ترك المحرم، الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه، فمن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، ومن غض بصره عن المحرم، أنار الله بصيرته، ولهذا سماه الله حفظا، فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه، وعمل الأسباب الموجبة لحفظه، لم ينحفظ . ، ويجوز النظر في بعض الأحوال لحاجة، كنظر الشاهد والطبيب والخاطب، ونحو ذلك. ثم ذكرهم الله تعالى بعلمه بأعمالهم، ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات.
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -31
﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ وهذا لكمال الاستتار، ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، ثم كرر النهي عن إبداء زينتهن، ليستثني منه قوله: ﴿ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ أي: أزواجهن ﴿ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ يشمل الأب بنفسه، والجد وإن علا، ﴿ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن ﴾ ويدخل فيه الأبناء وأبناء البعولة مهما نزلوا ﴿ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ ﴾ أشقاء، أو لأب، أو لأم. ﴿ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ﴾ والإضافة تقتضي الجنسية، أي: النساء المسلمات، اللاتي من جنسكم، ففيه دليل لمن قال: إن المسلمة لا يجوز أن تنظر إليها الذمية... ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ﴾ أي: أو الذين يتبعونكم، ويتعلقون بكم، من الرجال الذين لا إربة لهم في هذه الشهوة، .. ﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ﴾ أي: الأطفال الذين دون التمييز، فإنه يجوز نظرهم للنساء الأجانب، وعلل تعالى ذلك، بأنهم لم يظهروا على عورات النساء، أي: ليس لهم علم بذلك، ولا وجدت فيهم الشهوة بعد ودل هذا، أن المميز تستتر منه المرأة، لأنه يظهر على عورات النساء. ﴿ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ أي: لا يضربن الأرض بأرجلهن لإفتعال جلب النظر، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة. ولما أمر تعالى بهذه الأوامر الحسنة، ووصى بالوصايا المستحسنة، وكان لا بد من وقوع تقصير من المؤمن بذلك، أمر الله تعالى بالتوبة، فقال تعالى:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
*******
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:48 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثامن عشر ( 8 ) وبعض أيات من سورة النور
تحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول و الثاني. من مبادئ التربية الأخلاقية في الإسلام والتي وردت في سورة النور. وبعون من الله تعالى نواصل بقية تلكم المبادئ.
****** المبدأ الثالث
ونتيجة حتمية للأخلاقيات السابقة وهي العفة والطهارة والحس المرهف في أدب الإستئذان نتيجة لكل ذلك يستنير القلب بنور الله تعالى ويستمد ذلك النور في بيوت الله تعالى.
والمبدأ الثالث يتوسط مجموعة الآداب التي تتضمنها السورة، فيربطها بنور الله. ويتحدث عن أطهر البيوت التي يعمرها هذا النور , وهي بيوت الله تعالى ( المساجد )
اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)
الله نور السموات والأرض منورهما يدبر الأمر فيهما ويهدي أهلهما، فهو- سبحانه - نور، وحجابه نور، به استنارت السموات والأرض وما فيهما، وكتاب الله وهدايته نور منه سبحانه، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات بعضها فوق بعض. مثل نوره الذي يهدي إليه, وهو الإيمان والقرآن في قلب المؤمن كمشكاة, وهي الكُوَّة في الحائط غير النافذة، فيها مصباح، حيث تجمع الكوَّة نور المصباح فلا يتفرق، وذلك المصباح في زجاجة، كأنها - لصفائها - كوكب مضيء كالدُّر، فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن. والله يهدي ويوفق لاتباع القرآن مَن يشاء، ويضرب الأمثال للناس؛ والله بكل شيء عليم, لا يخفى عليه شيء.. هذا النور المضيء في مساجد أَمَرَ الله أن يُرْفع شأنها وبناؤها، ويُذْكر فيها اسمه بتلاوة كتابه والتسبيح والتهليل، وغير ذلك من أنواع الذكر، يُصلِّي فيها لله في الصباح والمساء. رجال لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذِكْرِ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة لمستحقيها, يخافون يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب بين الرجاء في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب فيه الأبصار تنظر إلى أي مصير تكون؟ ليعطيهم الله ثواب أحسن أعمالهم، ويزيدهم من فضله بمضاعفة حسناتهم. والله يرزق مَن يشاء بغير حساب، بل يعطيه مِنَ الأجر ما لا يبلغه عمله، وبلا عدٍّ ولا كيل.
*******
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
وفي الجانب المقابل الذين كفروا وأعمالهم كسراب من اللمعان الكاذب؛ أو كظلمات بعضها فوق بعض. والذين كفروا بربهم وكذَّبوا رسله، أعمالهم التي ظنوها نافعة لهم ، كسراب، وهو ما يشاهَد كالماء على الأرض المستوية في الظهيرة، يظنه العطشان ماء، فإذا أتاه لم يجده ماء... فالكافر يظن أن أعماله تنفعه , فإذا كان يوم القيامة لم يجد لها ثوابًا ، ووجد الله سبحانه وتعالى له بالمرصاد فوفَّاه جزاء عمله كاملا . والله سريع الحساب ، فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعد، فإنه لا بدَّ مِن إتيانه. أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج, من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات ، فالكفار تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال . ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه وسنة نبيه يهتدي به فما له مِن هاد....
******
ثم يكشف عن فيوض من نور الله في الآفاق: في تسبيح الخلائق كلها لله تعالى . وفي إزجاء السحاب. وفي تقليب الليل والنهار. وفي خلق كل دابة من ماء، ثم اختلاف أشكالها ووظائفها وأنواعها وأجناسها، مما هو معروض في صفحة الكون للبصائر والأبصار..
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ -45
*******
وبهذا النور في أيات الله تعالى تتحرك العقول المؤمنة للبحث والعلم والإعمار في الأرض, متجهة بالعبادة لله رب العالمين ملتزمة بشريعته التي تنظم حركتهم في الحياة حتى لا يقعوا في الفساد والرذيلة ,
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - 51 وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ - 52
******* ويختم ذلك المبدأ بوعد الله للمؤمنين الذين يعملون الصالحات
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - 55
******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:48 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثامن عشر ( 9 ) وبعض أيات من سورة النور
تحدثنا في اللقاءات السابقة عن المبدأ الأول و الثاني والثالث والرابع من مبادئ التربية الأخلاقية في الإسلام والتي وردت في سورة النور. وبعون من الله تعالى نواصل بقية تلكم المبادئ.
****** المبدأ الخامس
والمبدأ الخامس يقرر آداب الاستئذان والضيافة في محيط البيوت بين الأقارب والأصدقاء. وإلى آداب المجتمع المسلم كله كأسرة واحدة.
العناية بتربية الأطفال على الفضائل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - 58
أمر المؤمنين أن يستأذنهم الذين تحت رعايتهم من الخدم والعاملين، والذين لم يبلغوا الحلم منهم. قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عورات للمستأذن عليهم، وقت نومهم بالليل بعد العشاء، وعند انتباههم قبل صلاة الفجر، فهذا - في الغالب - أن النائم يستعمل للنوم في الليل ثوبا غير ثوبه المعتاد، وأما نوم النهار، فلما كان في الغالب قليلا، قد ينام فيه الإنسان بثيابه المعتادة، قيده بقوله: ﴿ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ ﴾ أي: للقائلة، وسط النهار. ففي هذه الأحوال الثلاثة، يكون الخدم والأولاد الصغار كغيرهم، لا يمكنون من الدخول إلا بإذن، وأما ما عدا هذه الأحوال الثلاثة فقال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ﴾ فإنهم يحتاج إليهم دائما، فيشق الاستئذان منهم في كل وقت، ولهذا قال: ﴿ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ أي: يترددون عليكم في قضاء أشغالكم وحوائجكم. ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ له العلم المحيط بالواجبات والمستحيلات والممكنات، والحكمة التي وضعت لكل شيء .
******
العناية بتربية الأطفال بعد البلوغ
وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - 59
وفي هاتين الآيتين فوائد، منها: وجوب التعليم للآداب الشرعية، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ﴾ الآية، ولا يمكن ذلك، إلا بالتعليم والتأديب، ومنها: الأمر بحفظ العورات، والاحتياط لذلك من كل وجه. ومنها: أن الصغير الذي دون البلوغ، لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن ترى عورته. ومنها: أن الحكم المذكور المفصل، إنما هو لما دون البلوغ، فأما ما بعد البلوغ، فليس إلا الاستئذان.
******
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 60
أي: لا يطمعن في الزواج، ولا يطمع فيهن الرجال ، وذلك لكونها كبيرة السن طاهرة النفس نقية السريرة , الجميع يتطلع لحنانها ودعاءها كأم وجدة. ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ ﴾ أي: حرج وإثم ﴿ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾ أي: الثياب الظاهرة، كالخمار ونحوه، الذي قال الله فيه للنساء : ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ فهؤلاء، يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لآمن المحذور منها وعليها، ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب، ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء، دفع هذا الاحتراز بقوله: ﴿ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ أي: غير مظهرات للناس زينة، من تجمل بثياب ظاهرة ونحو ذلك ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ والاستعفاف: طلب العفة، بفعل الأسباب المقتضية لذلك، من ترك كل ما يخشى منه الفتنة، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ بالنيات والمقاصد.
******* اليسر في التشريع
لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ - 61
يخبر تعالى عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسره غاية التيسير، وقوله تعالى : ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ فكل ذلك جائز، أكل أهل البيت الواحد جميعا، أو أكل كل واحد منهم وحده. ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا ﴾ نكرة في سياق الشرط، يشمل بيت الإنسان وبيت غيره، سواء كان في البيت ساكن أم لا، فإذا دخلها الإنسان ﴿ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ أي: فليسلم بعضكم على بعض، لأن المسلمين كأنهم شخص واحد، من توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، فالسلام مشروع لدخول سائر البيوت، من غير فرق بين بيت وبيت، ثم مدح هذا السلام فقال تعالى : ﴿ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ أي: سلامكم بقولكم: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...لأنها من الكلم الطيب المحبوب عند الله، الذي فيه طيبة نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة. ******* وتتم السورة بإعلان ملكية الله لما في السماوات والأرض، وعلمه بواقع الناس، وما تنطوي عليه حناياهم، ورجعتهم إليه، وحسابهم على ما يعلمه من أمرهم. وهو بكل شيء عليم.
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - 64
********
وإلى الجزء التالى إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:49 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء التاسع عشر ( 1 ) وبعض أيات من سورة الفرقان
مبدأ الإختيار
من أعظم النعم على الإنسان أن كرمه الله تعالى وجعله مختارا في أمور كثيرة وأمده بالعقل والفطرة لكي يميز بين الخير والشر والحق والباطل , وأن فترة الإختيار مرتبطة بعمر الإنسان, بعد البلوغ حتى الموت. ومن رحمة الله تعالى أن بين لنا عاقبة إختيار سبيل الخير وعاقبة إختيار سبيل الشر .. ونتيجة هذا الإختيار تظهر يوم القيامة, يوم الحسرة والندامة على من أعرض عن سبيل الحق . الذي دعى إليه رسول الله, صلى الله عليه وسلم. وسلكه المؤمنون معه ومن بعده.
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا - 27 يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا - 28 لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا – 29
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ بشركه وكفره وتكذيبه للرسول تأسفا وتحسرا وحزنا وأسفا. ﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا ﴾ أي طريقا بالإيمان به وتصديقه واتباعه. ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم هي سبيل النجاة حيث أنها الحق الواضح المبني على اليقين والبرهان.
والمتتبع لهذه السلسلة يجد المنهج التشريعي المتكامل في كل مناحي الحياة . فهل يوجد سبيل أخر مثله على وجه الأرض لكي تحيد إليه الإنسانية المعذبة ؟... لا سبيل إلا رسالة الله تعالى ( القرآن العظيم ) وهدي رسوله , صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ – 108 يوسف
هذه دعوة الإسلام يقين وبرهان , وهذا سبيل كل مؤمن يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي .... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ، ولا يهودي ، ولا نصراني ، فلا يؤمن بي ؛ إلا دخل النار . الراوي: سعيد بن جبير - المصدر: السلسلة الصحيحة : الألباني- الصفحة أو الرقم: 3093 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح رجاله ثقات. وذلك لشدة وضوح الدلائل والبراهين على صدقه وأن رسالته التي بشر بها كل الأنبياء هي خاتمة الرسالات وهي السبيل الوحيد للوصول إلى رضوان الله تعالى. وهي السبيل الذي يدعو إلى العلم والمدنية والتحضر في ظل إيمان القلب بخالقه حيث الهداية. وفي المقابل سبل الشهوات والظلمات والضلال حتى ولو لبست ثياب المدنية والتحضر والعلم فإنها لن تغني عن الإنسان شيئا إلا لحظات متعة قليلة في الدنيا وشقاء في الإخرة. ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا ﴾ وهو الشيطان الإنسي أو الجني، حبيبا وهو أعدى عدو لي الذي لم تفدني ولايته إلا الشقاء والخسار والخزي والبوار. ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ حيث زين له ما هو عليه من الضلال بخدعه وتسويله. ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ﴾ يزين له الباطل ويقبح له الحق، ويعده الأماني ثم يتخلى عنه ويتبرأ منه ومن جميع أتباعه حين قضي الأمر، وقضى الله بين الخلق ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ... ﴾ الآية 22 إبراهيم . فلينظر العبد لنفسه وقت الإمكان وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن، وليوال من ولايته فيها سعادته وهو سبيل الرسول الذي ارتضاه الله للبشرية لينقذهم من العذاب. وليعاد من تضره صداقته من شياطين الجن والإنس. ويحاول أن يسلك سبيل الصالحين قبل أن يأتي يوم لا ينفع الندم.. والله الموفق. ******* ومن الأمور الهامة التي تعين على سلوك الطريق المستقيم أن يكون كل ما نقوم به من أعمال و معاملات مبنيا على حق التوكل على الله تعالى مدبر الكون ومصيره. فلا يتم أمر إلا بإذنه , فهو المعين والهادي لكل أمور المؤمن. وحقيقة التوكل هو بذل غاية الجهد مع التعلق بتوفيق الله تعالى في تحقيق ما نصبوا إليه. فكذلك تفعل بقية المخلوقات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا . الراوي: عمر بن الخطاب - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 1/111 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا - 58
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ﴾ الذي له الحياة الكاملة المطلقة ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ أي: اعبده وتوكل عليه في الأمور المتعلقة بك والمتعلقة بالخلق. ﴿ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ يعلمها ويجازي عليها. وعلى هذه المبادئ النورانية يسير المؤمن في طريق الهدى والنجاة. قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ – 31 ال عمران
******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:50 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء التاسع عشر ( 2 ) وبعض أيات من سورة الفرقان
عِبَادُ الرَّحْمَنِ
الصورة الحقيقية والمشرقة للمؤمنين , في مشيتهم وردهم بالسلام على من يجهل عليهم . وعبادتهم لربهم ودعائهم , وفي معاملاتهم المالية المتزنة, وفي إخلاصهم لله تعالى...وفي أمنهم للناس حيث لا يقترفون جرائم القتل, واحترامهم للمحارم فلا يزنون .. ولا يشهدون الزور , رحماء فيما بينهم.. وإليكم تلكم الصورة
وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً -63 وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً -64 وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً - 65 إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 66
وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً - 67 وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً - 68 يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً - 69 إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً – 70 وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً – 71
وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً - 72 وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً – 73 وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً – 74 أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً - 75 خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 76
*******
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً )..
ها هي ذي السمة الأولى من سمات عباد الرحمن: أنهم يمشون على الأرض مشية سهلة هينة، ليس فيها تكلف ولا تصنع، وليس فيها خيلاء... فيها وقار وسكينة، وفيها جد وقوة. ولا يمشون متماوتين منكسي الرؤوس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح . قال أبو هريرة: ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كأنما الأرض تطوى له ـ وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث. وقال على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا مشى تكفأ تكفياً كأنما ينحط من صبب. وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة.
( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً ) لا عن ضعف ولكن عن ترفع عن الدنايا والجهل ؛ وعن صيانة الوقت والجهد أن ينفقا فيما لا طائل من وراءه. ( والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً ).. يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يتوجهون لربهم وحده، ويقومون له وحده، ويسجدون له وحده. ينام الناس وهم قائمون ساجدون؛ ويخلد الناس إلى الأرض وهم يتطلعون إلى عرش الرحمن، ذي الجلال والإكرام.
وهم في قيامهم وسجودهم وتطلعهم وتعلقهم تمتلىء قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم. يقولون: ( ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً ).. وهم يتوجهون إلى ربهم في ضراعة وخشوع ليصرف عنهم عذاب جهنم. لا يطمئنهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً , فالمؤمن يعيش بين الرجاء والخوف، الرجاء في رحمة الله تعالى , والخوف من التقصير, فيأملون أن يتداركهم فضل الله وسماحته وعفوه ورحمته، فيصرف عنهم عذاب جهنم. ( إِن عذابها كان غراماً إِنها ساءت مستقراً ومقاماً ) أي ملازماً لا يتحول عن صاحبه , فهذا ما يجعله مروعاً..
*****
نموذج القصد والاعتدال والتوازن في المعاملات المالية
( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواماً )..
وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ ويتجه إليها في التربية والتشريع، يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال. فالإسراف مفسدة للنفس والمال والمجتمع؛ والتقتير مثله حبس للمال عن انتفاع صاحبه به وانتفاع المجتمع من حوله . فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالاً في المحيط الاجتماعي والمجال الاقتصادي، وحبس الأموال يحدث أزمات ومثله إطلاقها بغير حساب. ذلك فوق فساد القلوب والأخلاق.
والإسلام وهو ينظم هذا الجانب من الحياة يبدأ به من نفس الفرد، فيجعل الاعتدال سمة من سمات الإيمان . ( وكان بين ذلك قواماً )..
***** إن اقتران المعاملات بعقيدة التوحيد يعطيها قوة الإلزام لدى الفرد المؤمن .
( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون. ومن يفعل ذلك يلق أثاماً. يضاعف له العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهاناً. إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفوراً رحيماً. ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً )
1- توحيد الله أساس هذه العقيدة، ومفرق الطريق بين الوضوح والاستقامة والبساطة في الاعتقاد؛ وبين الغموض والالتواء والتعقيد، الذي لا يقوم على أساسه نظام صالح للحياة.
2 - الأمتناع من قتل النفس ـ إلا بالحق أي بالتشريع العقابي الذي ينص على إعدام من اقترف جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد . وتطبقه السلطة الحاكمة وليس الأفراد. فهذا المبدأ وهو عدم قتل النفس يعد مفرق الطريق بين الحياة الاجتماعية الآمنة المطمئنة التي تحترم فيها الحياة الإنسانية ويقام لها وزن؛ وبين حياة الغابات والكهوف التي لا يأمن فيها الإنسان على نفسه ولا يطمئن إلى عمل أو بناء...
3 – الامتناع من مقاربة الزنا , فهو التزام الحياة النظيفة التي يشعر فيها الإنسان بارتفاعه عن الحياة الهابطة الغليظة التي لا هم للذكران والإناث فيها إلا إرضاء ذلك السعار. وإنما جعلت الحياة الزوجية النظيفة لعمارة الأرض والتراحم بين الأسر وتربية الأجيال تلو الأجيال في ظل علاقات أسرية واضحة .
*****
وباب التوبة دائماً مفتوح، يدخل منه كل من استيقظ ضميره، وأراد العودة والمآب. لا يصد عنه قاصد، ولا يغلق في وجه لاجئ، أياً كان، وأياً ما ارتكب من الآثام.
روى الطبراني من حديث أبي المغيرة عن صفوان بن عمر عن عبد الرحمن بن جبير " عن أبي فروة، أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة، فهل له من توبة؟ فقال: " أسلمت؟ " فقال: نعم. قال: " فافعل الخيرات واترك السيئات، فيجعلها الله لك خيرات كلها " قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: " نعم ". فما زال يكبر حتى توارى ".
ويضع قاعدة التوبة وشرطها: ( ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً ).. فالتوبة تبدأ بالندم والإقلاع عن المعصية، وتنتهي بالعمل الصالح الذي يثبت أن التوبة صحيحة وأنها جدية. وهو في الوقت ذاته ينشئ التعويض الإيجابي في النفس للإقلاع عن المعصية. فالمعصية عمل وحركة، يجب ملء فراغه بعمل مضاد وحركة، وإلا حنت النفس إلى الخطيئة بتأثير الفراغ الذي تحسه بعد الإقلاع. وهذه لمحة في منهج التربية القرآني عجيبة، تقوم على العلم المحيط بالنفس الإنسانية من الخالق سبحانه وتعالى!
***** ونعود إلى سمات عباد الرحمن
وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً - 72 وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً – 73 وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً – 74 أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً - 75 خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً – 76
هذه صفات عباد الرحمن , فهل وجد على الأرض صفات مثلها , هذه هي الصورة الصحيحة للإسلام نراها من خلال آيات القرآن العظيم. وبهذه المبادئ ساد المسلمون العالم. وليس بغيرها.
****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:51 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء التاسع عشر ( 3 ) وبعض أيات من سورة الشعراء
تحدثنا في اللقاء السابق في أواخر سورة الفرقان عن عباد الرحمن وعن أهم ما يميزهم. في مشيتهم وردهم بالسلام على من يجهل عليهم . وعبادتهم لربهم ودعائهم , وفي معاملاتهم المالية المتزنة, فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالاً في المحيط الاجتماعي والمجال الاقتصادي. وتميزو أيضا في إخلاصهم لله تعالى...وفي أمنهم للناس حيث لا يقترفون جرائم القتل, واحترامهم للمحارم فلا يزنون .. ولا يشهدون الزور , رحماء فيما بينهم..
وإن شاء الله تعالى نتحدث اليوم عن الإصلاح والبعد عن الفساد. من خلال بعض آيات من سورة الشعراء.. وفي معرض الحديث عن نبي الله "صالح" عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام , نستمع إلى كلام الله تعالى:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - 150 وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ – 151 الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ - 152
فالإصلاح في الأرض هو هدف رسالة الإسلام التي هي رسالة جميع الأنبياء. قال تعالى في سورة هود:
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ -61 أي: استخلفكم فيها وطلب منكم إعمارها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته. فنحن مطالبون بالإمساك بشعلة الحضارة كما فعل أسلافنا وذلك لنكون منارة هداية للبشرية وإنقاذها من الكفر والشرك والإحاد , فالحضارة في الإسلام وسيلة للتقرب من الخالق تبارك وتعالى , ووسيلة لفهم آيات الله تعالى في الكون . ولا يكون ذلك إلا بالإصلاح..
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ – 151 الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ - 152
والفساد في المجتمعات كالمرض يصيب الإنسان , إن لم يتم معالجته يظل البدن في حالة إعتلال وضعف بحيث لا يستطيع النهوض بما يطلب منه. والأخطر من ذلك أن يتم الفساد على إنه الإصلاح . قال تعالى في سورة الكهف: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا – 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا - 104 أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا - 105 ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا – 106 أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم التي يعلمون أنها باطلة، وأنها محادة لله ورسله ؟
وقال تعالى في سورة البقرة عن المنافقين: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - 11 أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ – 12 أي: إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر والمعاصي, ﴿ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح, قلبا للحقائق, وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية, مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة, وأرجى لرجوعه. ﴿ ألا إنهم هم المفسدون ولَكن لا يشعرون ﴾ فإنه لا أعظم فسادا ممن كفر بآيات الله, وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه, وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح, فهل بعد هذا الفساد فساد؟" وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادا, لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار, والنبات, بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به, لهذا خلق الله الخلق, وأسكنهم في الأرض, وأدر لهم الأرزاق, ليستعينوا بها على طاعته وعبادته ، فإذا عمل فيها بضده, كان فسادا, وخرابا لها عما خلقت له. ولذلك قال تعالى في سورة الروم: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – 41 أي: استعلن الفساد في البر والبحر و فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها. ﴿ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ﴾ أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ عن أعمالهم التي جلبت لهم الفساد ، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
وقال تعالى في سورة الأعراف:
وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ - 56
*******
وإلي الجزء التالي إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:51 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الجزء العشرون ( 1 ) وبعض أيات من سورة االنمل
مكانة المرأة في الإسلام
ونستمع إلى تلك المشاهد الرائعة لنبي الله "سليمان"وموقفه من مملكة سبأ, وقصة إسلام ملكتها. ويبدأ المشهد بمجلس نبي الله "سليمان" ينظر أمر الرعية.
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ – 20 لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ – 21
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ – 22 إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ – 23
فمكث الهدهد زمنًا غير بعيد ثم حضر فعاتبه سليمان على مغيبه وتخلُّفه, فقال له الهدهد: علمت ما لم تعلمه من الأمر على وجه الإحاطة, وجئتك من مدينة "سبأ" بـ "اليمن" بخبر خطير الشأن, وأنا على يقين منه. إني وجدت امرأةً تحكم أهل "سبأ", وأوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا, ولها عرش عظيم تجلس عليه لإدارة ملكها.
وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ – 24
وجدتُها هي وقومها يعبدون الشمس معرضين عن عبادة الله, وحسَّن لهم الشيطان أعمالهم السيئة التي كانوا يعملونها, فصرفهم عن الإيمان بالله وتوحيده, فهم لا يهتدون إلى الله وتوحيده وعبادته وحده.
أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ - 25 اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ – 26*
قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ – 27 اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ – 28
قال سليمان للهدهد: سنتأمل فيما جئتنا به من الخبر أصدقت في ذلك أم كنت من الكاذبين فيه؟ اذهب بكتابي هذا إلى أهل "سبأ" فأعطهم إياه, ثم تنحَّ عنهم قريبًا منهم بحيث تسمع كلامهم, فتأمل ما يتردد بينهم من الكلام. ذهب الهدهد وألقى الكتاب إلى الملكة فقرأته, فجمعت أشراف قومها, وسمعها تقول لهم: إني وصل إليَّ كتاب جليل المقدار من شخص عظيم الشأن.
********
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ - 29 إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - 30 أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ - 31
ثم بيَّنت ما فيه فقالت: إنه من سليمان, وإنه مفتتح بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" ألا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه, من الإسلام لله تعالى وعبادته وحده لا شريك له. وهكذا كانت الفتوحات الإسلامية على مر العصور دعوة الملوك لدين الله تعالى ونشر حرية العقيدة وحرية الدعوة لرسالة الله لشعوبهم.
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ – 32 قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ - 33 فكان جواب قوات الدفاع : نحن أصحاب قوة في العدد والعُدَّة وأصحاب النجدة والشجاعة في شدة الحرب, أما القرار السياسي موكول إليكِ, وأنتِ صاحبة الرأي, فتأملي ماذا تأمريننا به؟ فنحن سامعون لأمرك مطيعون لك.
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ – 34 وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ – 35 وكان قرارها السياسي حكيما رائعا يدل على عدم التهور والتورط . قالت محذرةً لهم من مواجهة سليمان بالعداوة, ومبيِّنة لهم سوء مغبَّة القتال: إن الملوك إذا دخلوا بجيوشهم قريةً عنوةً وقهرًا خرَّبوها وصيَّروا أعزَّة أهلها أذلة, وقتلوا وأسروا, وهذه عادتهم المستمرة الثابتة لحمل الناس على أن يهابوهم. وإني مرسلة إلى سليمان وقومه بهديَّة مشتملة على نفائس الأموال . فإن كان من الملوك الطغاة أخذ الهدية وفرح بها , وننتظر ما يرجع به الرسل من نتائج .
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ – 36
فلمَّا جاء رسول الملكة بالهديَّة إلى سليمان, قال مستنكرًا ذلك متحدثًا بأَنْعُمِ الله عليه: أتمدونني بمالٍ تَرْضيةً لي؟ فما أعطاني الله من النبوة والملك والأموال الكثيرة خير وأفضل مما أعطاكم، بل أنتم الذين تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم.
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ – 37 وقال سليمان عليه السلام لرسول أهل "سبأ": ارجع إليهم, فوالله لنأتينَّهم بجنود لا طاقة لهم بمقاومتها ومقابلتها, ولنخرجنَّهم مِن أرضهم أذلة,هم صاغرون مهانون, إن لم ينقادوا لدين الله وحده, ويتركوا عبادة من سواه.
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ – 38 قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ – 39 قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ – 40
قال سليمان مخاطبًا من سَخَّرهم الله له من الجن والإنس: أيُّكم يأتيني بسرير ملكها العظيم قبل أن يأتوني منقادين طائعين؟
قال مارد قويُّ شديد من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا, وإني لقويٌّ على حَمْله, أمين على ما فيه, آتي به كما هو لا أُنقِص منه شيئًا ولا أبدله. قال الذي عنده علم من الكتاب: أنا آتيك بهذا العرش قبل ارتداد أجفانك إذا تحرَّكَتْ للنظر في شيء ... فلما رآه سليمان حاضرًا لديه ثابتًا عنده قال: هذا مِن فضل ربي الذي خلقني وخلق الكون كله؛ ليختبرني: أأشكر بذلك اعترافًا بنعمته تعالى عليَّ, أم أكفر بترك الشكر؟ ومن شكر لله على نعمه فإنَّ نَفْعَ ذلك يرجع إليه, ومن جحد النعمة وترك الشكر فإن ربي غني عن شكره, كريم يعم بخيره في الدنيا الشاكر والكافر, ثم يحاسبهم ويجازيهم في الآخرة.
قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ - 41
قال سليمان لمن عنده: غيِّروا سرير ملكها الذي تجلس عليه إلى حال تنكره إذا رأته; لنرى أتهتدي إلى معرفته أم تكون من الذين لا يهتدون؟
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ – 42 فلما جاءت ملكة "سبأ" إلى سليمان في مجلسه قيل لها: أهكذا عرشك؟ قالت: إنه يشبهه. فظهر لسليمان أنها أصابت في جوابها, وقد علمت قدرة الله وصحة نبوة سليمان عليه السلام, فقال: وأوتينا العلم بالله وبقدرته مِن قبلها, وكنا منقادين لأمر الله متبعين لدين الاسلام.
وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ – 43
ومَنَعَها عن عبادة الله وحده ما كانت تعبده مِن دون الله تعالى, إنها كانت كافرة ونشأت بين قوم كافرين, واستمرت على دينهم, وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما تعرف به الحق من الباطل, ولكن العقائد الباطلة تُذهب بصيرة القلب.
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ – 44 قيل لها: ادخلي القصر, وكان صحنه مِن زجاج تحته ماء, فلما رأته ظنته ماء تتردد أمواجه, وكشفت عن ساقيها لتخوض الماء, فقال لها سليمان: إنه صحن أملس من زجاج صاف والماء تحته. فأدركت عظمة ملك سليمان, وقالت: رب إني ظلمت نفسي بما كنت عليه من الشرك, وأعلنت إسلامها لله تعالى مع سليمان داخلة في دين رب العالمين أجمعين.
وهكذا نجد بالدليل القرآني مكانة المرأة العظيم ودورها الرائع في إدارة شئون البلاد وبصيرة قلبها بعقيدة التوحيد .
فعجبا لأمر من يدعون أن المرأة مظلومة ومقهورة في الإسلام . فهو إدعاء من يجهل حقيقة الإسلام , أو يعرف ولكنه يعلن العداوة له مستخدما المرأة سلاح لأغراضه الخبيثة , ولكن هيهات .. فالمرأة المسلمة على مر العصور كانت أقوى من كل المؤامرات , ونرى اليوم ونسمع العالم كله يقف عاجزا أمام خلع حجاب المرأة المسلمة. فالمرأة في الإسلام ليست سلعة توضع للإعلان , فهي طبيبة ومدرسة وعالمة وصحفية ووزيرة إلى أخر تلك المناصب , محافظة على كرامتها كأنسان لا يعرض جسده للأعين المريضة .
******
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:52 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء العشرون ( 2 ) وبعض أيات من سورة القصص نعيش اليوم مع بعض مشاهد النصره والإغاثة للضعيف.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره وحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. الراوي: أبو هريرة - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 15/239 إسناده صحيح وهذه أخلاق الشهامة والمروءة التي تعرف في أوقات الشدائد.
ومع هذا المشهد من سورة القصص لنبي الله "موسى" عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
***** وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ -22 وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ -23 فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ -24
اتجه موسى ـ عليه السلام ـ فريداً وحيداً عبر الصحراء في اتجاه مدين في جنوبي الشام وشمالي الحجاز. مسافات شاسعة، وأبعاد مترامية، لا زاد ولا استعداد، فقد خرج من المدينة خائفاً يترقب، حيث عزم الملأ من قوم فرعون على قتل "موسى", بسبب علمهم بأنه قتل رجل من حاشية فرعون. وكان موسى يرى ويسمع كل مايحدث لبني إسرائيل من استعباد وقهر وظلم من فرعون ورجاله. فأسرع على الفور لنجدة ذلك المستضعف ودفع الرجل الأخر بوكزة قوية فسقط ميتا. وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ, فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ , فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ, قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ -15 إن القتل شئ بشع , أدرك "موسى" على الفور فداحة هذا الأمر الذي لم يقصده أصلا , وأصيب بالغم ..قال تعالى: وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ..40 طه فالإنسان في فسحة من دينه مالم يصب دما كما ورد في الحديث الشريف .
ونقرأ ذلك ونتعجب على هذا الكم الهائل من القتلى يوميا عمدا مع سبق الإصرار والترصد لأبرياء , فلا يدري القاتل لماذا يقتل ولا يدري المقتول لماذا قتل.
*******
فتوجه "موسى" إلى الله تعالى أن يغفر له. وخرج منزعجاً بنذارة الرجل الناصح، لم يتزود ولم يتخذ دليلاً. ولكن نلاحظ شيئا عظيما آلا وهو التعلق بربه مستسلما له :
عسى ربي أن يهديني سواء السبيل..
ومرة أخرى نجد موسى ـ عليه السلام ـ في قلب المخافة، بعد فترة من الأمن. بل من الرفاهية. ونجده وحيداً مجرداً من قوى الأرض الظاهرة جميعاً، يطارده فرعون وجنده، ويبحثون عنه في كل مكان، لينالوا منه اليوم ما لم ينالوه منه طفلاً. ولكن اليد التي رعته وحمته هناك ترعاه وتحميه هنا، ولا تسلمه لأعدائه أبداً. فها هو ذا يقطع الطريق الطويل، ويصل إلى حيث لا تمتد إليه اليد الباطشة بالسوء:
وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ -23 فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ -24
لقد انتهى به السفر الشاق الطويل إلى ماء لمدين. وصل إليه وهو مجهد. وإذا هو يطلع على مشهد لا تستريح إليه النفس ذات المروءة، السليمة الفطرة، كنفس موسى ـ عليه السلام ـ وجد الرعاة الرجال يوردون أنعامهم لتشرب من الماء؛ ووجد هناك امرأتين تمنعان غنمهما عن ورود الماء. والأولى عند ذوي المروءة والفطرة السليمة، أن تسقي المرأتان وتصدرا بأغنامهما أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما.
ويعود بنا الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام . حيث العناية بها وتكريمها , وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: ما أكرم النساء إلا كريم ، و لا أهانهن إلا لئيم.
ولم يقعد موسى الهارب المطارد، المسافر المكدود، ليستريح، وهو يشهد هذا المنظر المنكر المخالف للمعروف. بل تقدم للمرأتين يسألهما عن أمرهما الغريب:
قال: ما خطبكما ؟.. قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير.
فأَطلعتاه على سبب انزوائهما وتأخرهما وذودهما لغنمهما عن الورود. إنه الضعف، فهما امرأتان وهؤلاء الرعاة رجال. وأبوهما شيخ كبير لا يقدر على الرعي ومجالدة الرجال. وثارت نخوة موسى ـ عليه السلام ـ وفطرته السليمة. فتقدم لإقرار الأمر في نصابه. تقدم ليسقي للمرأتين أولاً، كما ينبغي أن يفعل الرجال ذوو الشهامة. وهو غريب في أرض لا يعرفها، ولا سند له فيها ولا ظهير. وهو مكدود قادم من سفر طويل بلا زاد ولا استعداد. وهو مطارد، من خلفه أعداء لا يرحمون. ولكن هذا كله لا يقعد به عن تلبية دواعي المروءة والنجدة والمعروف، وإقرار الحق الطبيعي الذي تعرفه النفوس:
فسقى لهما..
مما يشهد بنبل هذه النفس التي صنعت على عين الله تعالى. كما تدل على قوته التي ترهب حتى وهو في إعياء السفر الطويل. ولعلها قوة نفسه التي أوقعت في قلوب الرعاة رهبته أكثر من قوة جسمه. فإنما يتأثر الناس أكثر بقوة الأرواح والقلوب.
ثم تولى إلى الظل فقال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير..
رب إني في خيرك الدائم ونعمك التي لا تعد ولا تحصى.. رب إني فقير.
فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ - 25 قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ - 26 قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ - 27 قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ -28
وما نكاد نستغرق مع موسى ـ عليه السلام ـ في مشهد المناجاة حتى يعجل السياق بمشهد الفرج، معقباً في التعبير بالفاء، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء. قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.. ونلاحظ هنا أخلاق الحياء عند الفتاة... وقد جاءته ( تمشي على استحياء ) مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال. ( على استحياء ). في غير ما تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء. جاءته لتنهي إليه دعوة في كلمات معدودة ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ). فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح؛ ويستجيب "موسى" للقاء الشيخ الكبير.
( فلما جاءه وقص عليه القصص، قال: لا تخف. نجوت من القوم الظالمين ) فقد كان موسى في حاجة إلى الأمن؛ كما كان في حاجة إلى الطعام والشراب. ولكن حاجة نفسه إلى الأمن كانت أشد من حاجة جسمه إلى الزاد. ومن ثم أبرز السياق في مشهد اللقاء قول الشيخ الوقور: ( لا تخف ) فجعلها أول لفظ يعقب به على قصصه ليلقي في قلبه الطمأنينة، ويشعره بالأمان. ثم بين وعلل: ( نجوت من القوم الظالمين ) فلا سلطان لهم على مدين، ولا يصلون لمن فيها بأذى ولا ضرار.
( قالت: إحداهما: يا أبت استأجره. إن خير من استأجرت القوي الأمين ).
إنها وأختها تعانيان من رعي الغنم، ومن مزاحمة الرجال على الماء، ومن الاحتكاك الذي لا بد منه للمرأة التي تزاول أعمال الرجال. وهي تتأذى وأختها من هذا كله؛ وتريد أن تكون امرأة تأوي إلى بيتها؛ والمرأة العفيفة الروح، النظيفة القلب، السليمة الفطرة، لا تستريح لمزاحمة الرجال، ولا للتبذل الناشئ من هذه المزاحمة...
وها هو ذا شاب قوى أمين. رأت من قوته ما يهابه الرعاء فيفسحون له الطريق ويسقي لهما. ورأت من أمانته ما يجعله عف اللسان والنظر حين توجهت لدعوته. فهي تشير على أبيها باستئجاره ليكفيها وأختها مؤنة العمل والاحتكاك والتبذل. وهو قوي على العمل، أمين على المال. فالأمين على العرض هكذا أمين على ما سواه. فالعفة تتضح في التصرف العادي البسيط بلا تكلف ولا اصطناع.
واستجاب الشيخ لاقتراح ابنته. ولعله أحس من نفس الفتاة ونفس موسى ثقة متبادلة، وميلاً فطرياً سليماً، صالحاً لبناء أسرة. ( قال: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين، على أن تأجرني ثماني حجج. فإن أتممت عشراً فمن عندك. وما أريد أن أشق عليك. ستجدني إن شاء الله من الصالحين )
وهكذا في بساطة وصراحة عرض الرجل إحدى ابنتيه من غير تحديد ـ ولقد كان الآباء يعرضون بناتهم على الرجال على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل كانت النساء تعرض نفسها على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو من يرغب في تزويجهن منهم. كان يتم هذا في صراحة ونظافة وأدب جميل، لا تخدش معه كرامة ولا حياء.. عرض عمر ـ رضي الله عنه: ابنته حفصة على أبي بكر فسكت وعلى عثمان فاعتذر، فلما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا طيب خاطره، عسى أن يجعل الله لها نصيباً فيمن هو خير منهما. ثم تزوجها ـ صلى الله عليه وسلم . وعرضت امرأة نفسها على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاعتذر لها. فألقت إليه ولاية أمرها يزوجها ممن يشاء. فزوجها رجلاً لا يملك إلا سورتين من القرآن، علمها إياهما فكان هذا صداقها.
وبمثل هذه البساطة والوضاءة سار المجتمع الإسلامي يبني بيوته ويقيم كيانه. في غير تصنع ولا التواء.
وهكذا صنع الشيخ الكبير ـ صاحب موسى ـ فعرض على موسى ذلك العرض واعداً إياه ألا يشق عليه ولا يتعبه في العمل؛ راجياً بمشيئة الله أن يجده موسى من الصالحين في معاملته ووفائه. وهو أدب جميل في التحدث عن النفس وفي جانب الله. فهو لا يزكي نفسه، ولا يجزم بأنه من الصالحين. ولكن يرجو أن يكون كذلك، ويكل الأمر في هذا لمشيئة الله.
وقبل موسى العرض وأمضى العقد؛ في وضوح ودقة، وأشهد الله فهو الشهيد الموكل بالعدل بين المتعاقدين. وكفى بالله وكيلاً.
( قال: ذلك بيني وبينك. أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ. والله على ما نقول وكيل )
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أبعدهما وأطيبهما. المصدر: صحيح البخاري – عن عبدالله بن عباس - الصفحة أو الرقم: 2684
******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | » Şмĺ!ę Ǫϋęęή محقق محترف
المساهمات : 9670 الجنس : العمر : 24 القسم المفضل : القسم الاسلآمي ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة 2012-02-08, 8:53 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء العشرون ( 3 ) وبعض أيات من أواخر سورة القصص
ونعيش إن شاء الله تعالى مع وظيفة المال الحقيقية, فهو وسيلة تعامل بين البشر لتسهيل التبادل التجاري بين الشعوب والبيع والشراء بين الأفراد, أما القيمة الحقيقية للمال فهو فيما يمثلة من معادن نفيثة مثل الذهب والفضة. وما يقابلها من سلع وخدمات . وإذا توفر المال الحقيقي ونعني به الذهب والفضة وليس العملة الورقية , تحقق الرخاء في ذلك المجتمع حيث يمكن في مقابله شراء متطلبات المعيشة للفرد والجماعة. وقد تكون الثروة الحقيقية لبلد ما في زراعته ورعيه , وقد تكون في بلد أخر في صناعته , ويكون المال هو الوسيلة للتبادل بين كل هذه الثروات فتتحقق بذلك وظيفة المال , ولذلك كان النهي عن تعطيل المال وكنزه .. قال تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشرهم بعذاب أليم – 34 يوم يحمى عليها في نار جهنم , فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم , هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون – 35 التوبة. . ولذلك فرضت الزكاة على المال إذا بلغ نصابا معينا ومضى على إدخاره عام, 2.5% من قيمة المال وبذلك يحرص صاحبه على تشغيلة وتنميته. سواء بالتجارة أو الصناعة وبذلك تنشط الحياة وتنتفي البطالة , أما إذا أصبح المال سلعة تباع في مقابل عائد وهو الربا فهذه هي الإنتكاسة التي وقع فيها كثير من بنوك العالم. وكان مصيرها الإنهيار.
50 بنكا منهارا منذ مطلع العام أعلنت السلطات الأميركية إغلاق ثمانية بنوك جديدة: ثلاثة منها في فلوريدا واثنان في كاليفورنيا وواحد في كل من ماساتشوستس وميشيغان وواشنطن، ليرتفع عدد البنوك المنهارة بالولايات المتحدة منذ مطلع هذا العام إلى 50 بنكا. المصدر وكالات السبت 3/5/1431 هـ - الموافق 17/4/2010 م الجزيرة نت ******** ويأتي المثال الحي لنموذج من البشر لم يعلم حقيقة وظيفة المال وعمل على كنزه دون أن ينتفع به قومه. ونحاول أن نتدبر تلك الوقعة لأنها تمثل عبرة لكل البشر عبر العصور المختلفة.
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ -76
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ -77
إن قارون كان من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر والبغي , والبغي عليهم يشمل شتى الصور, فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم - كما يصنع طغاة المال في كثير من الأحيان - وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال . حق الفقراء في أموال الأغنياء بالزكاة, , فتفسد القلوب , وتفسد الحياة . وربما بغى عليهم بهذه وبغيرها من الأسباب . وآتينا قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا, حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء, إذ قال له قومه لا تفرح. . فرح الزهو المنبعث من الاعتزاز بالمال , والاحتفال بالثراء , والتعلق بالكنوز , والابتهاج بالملك والاستحواذ . . لا تفرح فرح البطر الذي ينسي المنعم بالمال ; وينسي نعمته , وما يجب لها من الحمد والشكران . لا تفرح فرح الذي يستخفه المال , فيشغل به قلبه , ويطير له لبه , ويتطاول به على العباد . . إن الله لا يحب الفرحين المأخوذين بالمال , المتباهين , المتطاولين بسلطانه على الناس . والتمس فيما أتاك الله من الأموال ثواب الدار الآخرة, بالعمل فيها بطاعة الله في الدنيا, فالمال ليس للتخزين في خزائن يصعب حمل مفاتيحها , ومن حولك الاف البشر لا يجدون ما يسد جوعهم أو مسكن يسترهم أو ملبس يستر عوراتهم . وشباب عاطل لا يجد المال لعمل مشاريع تعود عليه وعلى مجتمعه بالخير. ولكن قارون إستخدم المال في تخزينه وحبسه عن المهمة التي خلقها الله تعالى له , وهي تفعيله بين الناس سواء بالتجارة وإنشاء المصانع وإنشاء المدارس والمستشفيات والعمران بتشيد المساكن وإنشاء شبكات الطرق والمرافق , وبهذا يعم الخير على جميع فئات المجتمع , ويعود عليه أيضا نتيجة عائد الإستثمار لهذه المشاريع, وبإخراج زكاة هذه الثروات الهائلة يعم الخير على فقراء قومه فيدعون له بالبركة , ويذهب الحسد والغل ويعم الخير على الجميع. قال تعالى : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ -7 إبراهيم أما في حالة نسيان وظيفة المال الحقيقية سوف تنحصر الإهتمامات في الإسراف في الملذات والتكبر والتعالي بالثروة , بل الأسوأ من ذلك إستخدام هذا الغنى في الطغيان على الأخرين بطردهم من ديارهم والإعتداء عليهم. وبث الفساد بينهم وحرمانهم من حقهم في مال الله الذي جعله أمانة في يد الأغنياء ليسعدوا ويسعدوا من حولهم.
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ -77
ولا تترك حظك من الدنيا, بأن تتمتع فيها بالحلال دون إسراف, وأحسن بالتصرف الصحيح في المال حتى يعم الخير على الجميع, كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة, ولا تلتمس ما حرَّم الله عليك من البغي على قومك, إن الله لا يحب المفسدين.
******
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي, أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً, وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ -78
قال قارون لقومه الذين وعظوه: إنما أُعطيتُ هذه الكنوز بما عندي من العلم والقدرة, ولكنه جهل مصير المتكبرين من الأمم السابقة. أولم يعلم قارون أن الله قد أهلك مِن قبله من الأمم مَن هو أشد منه بطشًا, وأكثر جمعًا للأموال؟ ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون; لعلم الله تعالى بها, إنما يُسْألون سؤال توبيخ وتقرير, ويعاقبهم الله على ما علمه منهم.
*******
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ -79 وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ -80
فخرج قارون على قومه في زينته, مريدًا بذلك إظهار عظمته وكثرة أمواله, وحين رآه الذين يريدون زينة الحياة الدنيا قالوا: يا ليت لنا مثل ما أُعطي قارون من المال والزينة والجاه, إن قارون لذو نصيب عظيم من الدنيا. وقال الذين أوتوا العلم بالله وشرعه وعرفوا حقائق الأمور للذين قالوا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون: ويلكم اتقوا الله وأطيعوه, ثوابُ الله خير لمن آمن به وبرسله, وعمل الأعمال الصالحة, خيرٌ مما أوتي قارون, ولا يَتَقَبَّل هذه النصيحة ويوفَّق إليها ويعمل بها إلا مَن يجاهد نفسه, ويصبر على طاعة ربه, ويجتنب معاصيه. وقد ورد في الحديث الشريف: إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي ربه فيه ويصل به رحمه ، ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما يخبط في ماله بغير علم ، لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقا ، فهو بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان ، فهو بنيته فوزرهما سواء المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2325 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح ******** فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ -81
فخسفنا بقارون وبداره الأرض, فما كان له من جند ينصرونه من دون الله, وما كان ممتنعًا من الله إذا أحلَّ به نقمته.
وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ -82
وصار الذين تمنوا حاله بالأمس يقولون متوجعين ومعتبرين وخائفين من وقوع العذاب بهم: إن الله يوسِّع الرزق لمن يشاء من عباده, ويضيِّق على مَن يشاء منهم, لولا أن الله منَّ علينا فلم يعاقبنا على ما قلنا لَخسف بنا كما فعل بقارون, ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون, لا في الدنيا ولا في الآخرة؟
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ -83
******** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
يمنع الرد | |
| | | | مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| المواضيع الأخيرة | » ذكرى المتوآجدون حآليآ ..2024-09-15, 8:33 pm من طرف Noufa..|» العضوة الجديد دمعه السعودية2024-08-03, 10:15 am من طرف دمعه السعودية » سجل حضورك بأسم احد الاعضآء2024-07-15, 1:35 pm من طرف Noufa..|» اترك لك هنا ... بصمة !! ( آية - حديث - دعاء - .... )>> لكل من يريد الاجر حتى بعد مماته ..ادخل <<2024-07-15, 12:25 pm من طرف ام اسامة55 » معرض الصور الخاص بِـ[منتديات المحقّق كونان]2024-04-14, 11:32 pm من طرف Noufa..|» *سلسلة -4- LOVE YOURSELF* 2024-03-28, 6:20 am من طرف *Aino*» كلمات أعجبتني2024-03-20, 7:39 pm من طرف ام اسامة55 » اختر,,وجاوب بصراحه؟؟؟اختار من 1-23 وجاوب بصراحه اختار رقم خلااااص اخترتاختار2024-02-25, 7:49 pm من طرف *Aino* |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 17 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 17 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 573 بتاريخ 2024-09-24, 1:30 pm |
|