يقول ناصر، وهو إنسان عربي تجمعنا به عروبة النسب قبل صلة
الإنسانية، إن إحدى قريباته توفيت في أحد مستشفيات جدة، وتم نقلها إلى مغسلة الأموات بأحد المساجد لتجهيزها والصلاة عليها
تمهيدا لدفنها، المشكلة أن مسؤول المغسلة عجز عن توفير قبر
لها، فعندما بدأ اتصالاته بالمقابر لتجهيز قبرها فوجئ بالرد
عليه بأن طاقتهم في دفن الموتى غير السعوديين في ذلك اليوم
قد استنفدت، وأنه لم يعد هناك مجال إلا لاستقبال الموتى
السعوديين، وبعد ساعات من الاتصالات نجحوا في إقناع مسؤول
مقبرة بعيدة تبعد عن المسجد مسافة 40 كم باستقبال الجنازة!!
لم يكونوا يطلبون لها الحصول على جنسية أو منحة أو قرض أو
وظيفة تخص السعوديين، بل كانوا يطلبون حفرة يوارون فيها
فقيدة ودعت الحياة وهويتها، ولم تعد سوى إنسانة مجردة من كل
تلاوين الحياة ستواجه رحمة ربها، كما يواجهها كل إنسان على
وجه الأرض ومر الزمن دون تمييز في اللون أو العرق أو الجنس!!
كم هو مؤلم أن نغرق في تعقيدات الحياة حتى ونحن نغادرها،
وننتظر أن تودعنا ببعض الحنو للتعويض عن بعض آلامها فإذا بها
تودعنا بالتعقيدات، حتى عندما يتعلق بالحفرة الصامتة التي
ستطوي صفحة هذا الإنسان في ديوان الحياة للأبد!!