|
| الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) | |
|
+6sato dodo57kid اسماءء كونان الحبيب conan * SoŐoS 10 مشترك | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-08, 3:34 pm | |
| تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الأربعة الكبار محاطاً بإطار الباب في غرفة نوم بوارو وقف ضيف غير منتظَر، مغطى من قمة رأسه إلى أخمص قدميه بالغبار. حدق الرجل بوجهه الناحل المضني للحظة، ثم ترنح وسقط على الأرض. من كان هذا الرجل؟ أكان يعاني من صدمة أم هو الإجهاد فقط؟ ولكن الأهم من ذلك كله: ماذا كان المقصود بالرقم 4 الذي خُربش بخط سيء على امتداد الصفحة مكرَّراً مرات ومرات؟! كثير من الأحداث ينتظر بوارو
الفصل الأول
كم أدهشني رؤية أولئك القوم على مقاعدهم الخشبية يعبرون القنال هادئين , فإذا وصلوا انتظروا حتى ترسو السفينة ثم قاموا إلى متاعهم يجمعونه دون ضجيج .
أما أنا فلا أبقى هادئا و لو حينا من الوقت , فإذا صعدت لسطح السفينة أراني قد بدأت اقلق و اضطرب , و يحل في شعور أن الوقت قصير جدا لا يكفي للراحة و القعود فأنطلق اجمع حقائبي و أحركها من مكان للآخر , و إذا نزلت إلى الصالة لكي آكل طعامي فإنني ازدرده بسرعة و ربكة مخافة أن تصل السفينة فجأة و أنا ما أزال في الأسفل.
ربما كان هذا مما أورثتنيه الحرب, فقد كنت حين آخذ إجازة قصيرة أجعل اهتمامي أن استأثر نفسي بموقع قريب من المخرج لكيلا اخدر بضع دقائق ثمينة من إجازتي القصيرة ذات الثلاثة الأيام أو الخمسة .
في صباح ذلك اليوم من تموز كنت اقف جنب الحافة أراقب المنحدرات الصخرية البيضاء في دوفر و هي تقترب رويدا رويدا . لقد أثارني مشهد المسافرين يجلسون على مقاعدهم بكل هدوء و لم تتحرك مشاعرهم و لا رفعوا عيونهم ليروا منظر وطنهم الأول , ربما اختلفت حالهم عن حالي قليلا , فأكثرهم بلا شك جاء من اجل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في باريس , في حين أقيم أنا بعيدا في مزرعة كبيرة في الأرجنتين منذ سنة و نصف , حيث حققت نجاحا كبيرا , و استمتعت مع زوجتي بحياة حرة بسيطة في أمريكا الجنوبية .
و راقبت ذلك الشاطئ المألوف يدنو رويدا رويدا بشعور من القلق و الشوق , انه اثار في نفسي ذكريات و ذكريات قد نزلت في فرنسا قبل يومين من اجل بعض الاعمال الضرورية , و ها أنا ذا في الطريق إلى لندن , و الواجب أن امكث فيها بضعة اشهر , حيث الوقت يتسع أن ازور أصدقائي الأقدمين لا سيما صاحبي الضئيل الحجم ذا الرأس البيضاوي و العينين الخضراوين : هيركيول بوارو .
و عزمت أن أفاجئه بزيارتي هذه مفاجأة مقصودة و إن كانت رسالتي الأخيرة التي بعثتها إليه من الأرجنتين تلمح إلى رحلتي التي اتخذت القرار بشأنها على عجل بعد مواجهتي لبعض المصاعب في العمل.
.. ترى ماذا يصنع بوارو حين يراني ؟ أيقنت انه غير بعيد أن يكون في مقر عمله ؛لأن الوقت الذي كانت قضاياه تضطره للسفر من شمال إنكلترا إلى جنوبها قد انقضى , و لم يعد يرضى أن تأكل قضية واحدة كل وقته , فقد ذاع صيته و اشتهر , و استطاع وصول أهداف كثيرة , و حقق كثيرا من طموحه , ثم إن الوقت يهيئه ليصبح ((مستشارا فذا في التحري و التحقيق)) تماما مثل الطبيب المختص الشهير في شارع هارلي !
كان بوارو يسخر دائما من الفكرة الشائعة عن كلب ((الدموم)) الإنساني الذي يتعقب المجرمين و يقف عند كل اثر قدم , و سوف يقول ((لا يا صديقي هيستنغز , ذاك من فعل جيرود و أصحابه , أما أسلوب هيركيول بوارو فهو خاص به : التنظيم و المنهجية و ((الخلايا الرمادية )) إذا جلسنا نحن على مقعدنا نستريح نستطيع أن نرى أمورا غفل عنها آخرون , و نحن لا نقفز إلى النتيجة قفزا كما يصنع ((جاب)) الكفء ))
كان لدي خوف أن يكون بوارو مسافرا لكني كنت اطرد هذه الوساوس المقلقة , و حين وصلت لندن أودعت متاعي في فندق و انطلقت بالسيارة مسرعا إلى العنوان القديم … أي ذكريات ممتعة أثارها هذا المكان في نفسي !
و انتظرت بشيء من القلق كي أزجي التحية لصاحبة البيت الذي كنت اسكنه , ثم انطلقت اصعد الدرج درجتين درجتين , و طرقت باب بوارو إذا بصوته المعهود يهتف: ادخل … و دخلت فإذا بوارو أمامي وجها لوجه , و ما إن رآني حتى سقطت من يده حقيبة سفر و ارتطمت بالأرض لشدة المفاجأة , و صاح : هيستنغز ! هيستغز!
اقبل علي و عانقني عناقا حار , و دار كلامنا غير مترابط و لا مقبول : هتاف و أسئلة لاهفة و أجوبة متبورة و كلام عن رحلتي و رسائل , كله اختلط اختلاطا عجيبا! و سألته أخيرا حين هدأنا من ثورة الشوق قليلا: - أرى أن في غرفتي القديمة شخصا ما , و احب أن اقعد معك هنا مرة أخرى .
تغير وجه بوارو من هول المفاجأة : - يا إلهي! أية فرصة سيئة التوقيت هذه .. انظر حولك يا صديقي .. لأول مرة لاحظت الأشياء التي حولي : صندوق ضخم على الطراز القديم ناحية الحائط , و إلى جواره عدة حقائب مصفوفة كل حسب حجمها , و قد أعدت للسفر حتما لا خطأ في ذلك .. - هل أنت راحل ؟ - اجل .. - أين؟ - إلى أمر كيا الجنوبية.. صحت بانفعال : - نعم تلك مهزلة مضحكة , أليس كذلك ؟ أني مسافر إلى ((ريو)) في البرازيل , و كنت في كل يوم أقول : لن اكتب شيئا في رسائلي حتى تكون مفاجأة لصديقي الطيب هيستنغز حين يراني .. - و متى ستذهب نظر بوارو إلى ساعته : - في غضون ساعة واحدة - أتتذكر انك تقول : ((ليس هناك ما يقنعني بإنجاز رحلة بحرية طويلة ))؟ ارتجف بوارو و قد اغمض عينيه و قال : -لا تحدثني في ذلك ,طبيبي يا صديقي , يؤكد لي أن الإنسان لن يموت من رحلة كهذه , أنت تعلم أنني لن ارتحل مرة أخرى أبدا .. و جذبني نحو المقعد و أردف : سوف تعلم كل ما حدث أتدرى من هو أغنى رجل في العالم ؟ روكفلر؟ هذا أغنى من روكفلر انه آبي ريلاند ..
- ملك الصابون الأمريكي؟ - أجل , لقد اتصلت بي إحدى سكرتيراته و قالت إن عصابة تمهد لعمل احتيال ضخم يرتبط بشركة كبيرة في ريو , و هو يرجوني أن أحقق المسألة في ساحتها فرفضت و قلت : إذا كانت الحقائق بين يدي فسوف اقطع عندئذ برأي خبير مستشار , لكنه رد علي بأنه لا يستطيع تقديم الحقائق , و أن علي أن أسعى بنفسي لكشفها حين اصل عنده, و قد كان هذا يكفي أن يلغي الصفقة من البداية , لان من الوقاحة الصرفة أن يملي على هيركيول بوارو ما ينبغي فعله . لكن الأجر الذي عرضه علي كان مذهلا جدا ... لأول مرة اشعر أن المال يغريني ! - لقد كان الأجر ثروة طائلة , و لا تنس أن عندي إغراء آخر غيره أنت يا صديقي قد كنت عجوزا وحيدا في عام و نصف هي غيبتك , ثم أنني تحققت لي شهرة تامة , ففكرت في نفسي : لماذا لا آخذ تلك المكافأة و ابحث عن القرار في مكان ما و عندي صديقي القديم ؟
تأثرت كثيرا من نظرت بوارو إلي و تابع كلامه : - من اجل ذلك قبلت , و في ساعة من الزمن يجب أن أغادر المكان لألحق القطار الذي يقلني حيث السفينة تلك إحدى عجائب الزمن , أليس كذلك؟ لكنني اعترف إليك أنني ربما كنت ترددت لو لم يكن الأجر كبيرا جدا , حيث أنني بدأت أخيرا في إنجاز تحقيقات غاية في الخطر و الإثارة .. قل لي : مالذي يقصد عادة بعبارة ((الأربعة الكبار))؟
| |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-10, 1:26 am | |
| والله زعلتوني سبعه وعشرين مشاهده ومافي إلا ردين ومشكوورين ياكونان وياكونان الحبيب على المرور | |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-10, 1:28 am | |
| | |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-12, 11:03 am | |
| الفصل الرابع
أخرج المفتش مفتاحا من جيبه و فتح باب ((غرانيت بنغالو )) , و مسحنا أقدامنا تماما قبل الدخول
أقبلت امرأة من بيت الجيران و كلمت المفتش , هز رأسه ثم قال لنا : - عاين المكان يا سيد بوارو و ابحث فيه كما تشاء , سأعود خلال عشر دقائق , هذا هو حذاء غرانت , لقد حملته حتى تقارنه بدمغة الأقدام
و دخلنا غرفة المعيشة و كنت أسمع وقع أقدام المفتش وهو يبتعد خارجا , و اتجه إنغليز نحو بعض التحف الصينية يتفحصها , وقد أثارت اهتمامه , وبدا كأنه نسي بوارو
و راقبت – بصمت – ما يفعله بوارو .. كانت الأرض مغطاة بمشمع أخضر قاتم تبين منه آثار الأقدام جليا , وفي البيت باب يؤدي إلى مطبخ صغير , و باب آخر إلى مغسلة الأطباق و باب أيضا إلى غرفة النوم التي تخص روبرت غرانت
فحص بوارو البلاط ثم قال كأنما يخاطب نفسه : - هنا كانت الجثة ممدودة , بقع الدم تحدد المكان , آثار الحذاء القماشي و آثار أقدام أخرى .. هذا شيء عجيب ! آثار أقدام تجيء وتروح من المطبخ أيا كان القاتل فقد جاء حتما من هذه الطريق .. هيستنغز , أعطني الحذاء ..
قارنه بعناية بآثار الأرض الواضحة : - نعم , هما طبق على بعضهما , روبرت غرانت دخل من هنا , قتل العجوز وعاد إلى المطبخ و مشى فوق الدم , هل ترى آثارا من المطبخ ؟ لا شيء في المطبخ هاما , هل ذهب إلى غرفته ؟ لا , عاد مرة أخرى إلى مسرح الجريمة , هل كان ذلك من أجل التماثيل أم أنه نسي شيئا قد يدينه ؟ قلت : ربما قتل العجوز في المرة الثانية التي دخل فيها
- كلا انك لم تلاحظ ذاك الأثر الملطخ بالدم و فوقه أثر آخر , إنني أعجب , لماذا عاد ؟هل من أجل التماثيل ؟كأن فكرة خطرت له من بعد ! كل شيء يبدو غريبا .. - حسنا انه يفضح نفسه بيأس كبير - ليس كذلك , بل هو يجعل خلاياي الرمادية في حيرة .. - ماذا عن المرأة العجوز ؟كانت في البيت وحدها بعد أن خرج غرانت للحليب , لعلها قتلته , ثم خرجت أو أن قدميها لم تتركا أثرا إذا لم تكن في الخارج - لقد بحثت هذه النظرية و رفضتها , بتسي آندروز امرأة محلية , إنها بنت القرية , لا يعقل أن تكون على صلة بالأربعة الكبار , ثم إن والي كان رجلا قويا , ناهيك أن هذا العمل من فعل رجل لا امرأة - أظن أن الأربعة الكبار لم يتبعوا حتى الآن وسيلة تختفي في السقف ثم تنزل بصورة آلية لتقطع حنجرة الرجل العجوز ثم تصعد إلى أعلى مرة أخرى و لا تترك أثرا ! - مثل سلم جاكوب الحبلي ؟ أعلم يا هيستنغز أن لك خيالا واسعا , و لكنني أتوسل إليك كي تبقيه ضمن الحدود المعقولة
أغلقت فمي خجلا و استمر بوارو في التجوال في المكان : يقتحم الغرف , يعبث بالخزائن , يقلب الأشياء و قسمات وجهه تنطق بالحيرة و عدم الرضى .. و فجأة أصدر صرخة مثيرة كصرخة كلب بولندي فانطلقت إليه مذهولا فألفيته في غرفة حفظ الأطعمة في مشهد درامي و يده تمسك فخذا من لحم الضأن و يلوح بها ! صرخت بعطف : - عزيزي بوارو ماذا دهاك ؟ مس أم جنون ؟ - أرجوك انظر إلى قطعة الضأن هذه , انظر إليها عن قرب
نظرت إليها بإمعان و جعلت أقترب منها لكني لم أر فيها شيئا .. - قطعة من اللحم كغيرها كل ما فيها مثل سواها ..
قلت له ذلك و أنا تأكلني الشكوك و الحيرة من هذا الموقف
- و لكن ألا ترى ؟..
و كانت يده تعبث بالثلج المتراكم عليها , لقد اتهمني بوارو بسعة الخيال , لكن خيالي عاجز عن تفسير سبب اهتياجه , هل كان الثلج أطباقا بلورية من السم القاتل ؟ هل هذا هو الوجه الذي عرفته بعد جهد , لكني لم أجرؤ على البوح بما في صدري فقلت بلطف :
- هذا لحم مجمد مستورد من نيوزلندا
و انجر بوارو بضحكة غريبة تنز سخرية و تهكما : - كم هو رائع صديقي هيستنغز واسع الإطلاع يكاد يعرف كل شيء
قالها ووضع لحم الضأن في طبقه مرة أخرى و خرج أطل من الشباك ثم قال : - ها هو المفتش , لقد رأيت كل ما أريده
ضرب بقبضة يده على الطاولة وهو شارد الذهن ثم سألني : - ما اليوم يا صديقي؟ - الإثنين - الإثنين , نعم , هذا اليوم ارتكبت جريمة مروعة ! – حدق إلى ميزان الحرارة - .. الجو معتدل , هذا يوم إنكليزي صيفي !
مازال انغليز يتفحص قطع الفخار الصيني المختلفة كأن الأمر لا يعنيه , خاطبه بوارو : - كأنك غير مهتم بهذا التحقيق يا سيدي ..
تبسم انغليز : - انه ليس من شأني , أنا خبير أمور أخرى , حسبي أن أقف بعيدا في الخلف , لقد تعلمت في الشرق أن أصبر
دخل المفتش مسرعا وهو يعتذر و أقسم علينا أن نخرج إلى المناطق المجاورة , فنزلنا إلى شارع القرية معا , قال بوارو : - إنني أقدر فيك لطف المعاملة و دماثة الخلق و لكن لي مطلبا عندك ! - ربما تريد رؤية الجثة يا سيدي ؟ - كلا ليس هذا , بل أرغب في مقابلة روبرت غرانت ! - إذن فلتعد معي إلى مورتون لتراه يا سيدي - أفعل , لكني أريد لقاءه وحده - لا أستطيع أن أعد بذلك يا سيدي - تأكد أنك إذا اتصلت بسكوتلانديارد فسوف تجد الجواب الحسن - قطعا , لقد عرفناك يا سيدي و عرفنا خدماتك الجليلة , لكن هذا مخالف للقانون - لكنه ضروري , ضروري جدا , أتدري لماذا ؟ لأن غرانت ليس هو القاتل
تجهم المفتش و قد أذهله الحديث : - ماذا فمن إذن ؟ - أظن القاتل رجلا شابا جاء إلى غرانيت بنغالو يجر عربته , ثم تركها في الساحة ودخل و فعل فعلته , ثم خرج إلى عربته و قفل عائدا , كان حاسرا الرأس و ثيابه ملطخة بالدماء قليلا .. - لكن كل القرية سوف تراه ؟ - لن يحصل ذلك في ساعة ما - ربما في الظلام لكن الجريمة تمت في وضح النهار !
اكتفى بوارو بابتسامة خفيفة .. - و الحصان و العربة يا سيدي , لا أدري ما هذا الذي تقول ؟ لم تمر على الطريق عربات ذات عجلات , ولا أثر لها رأيناه ! - ربما لم تستطع عيون الناس رؤيتها لكن عين العقل تستطيع , نعم
لم يبد المفتش قناعة بهذا القول و مسح جبهته بيده و نظر إلي وهو يبتسم ابتسامة عريضة , كنت محتارا مثله , و لكني كنت على ثقة تامة بقدرة بوارو فلم استطع الحديث , و ما زال النقاش في المسألة حتى وصلنا إلى مورتون
و ذهبنا إلى غرانت , كان الأمر يلزمه شرطي معنا , و تكلم بوارو في الأمر صراحة : - غرانت , أعرف أنك بريء من هذه الجريمة فاسرد علي الحكاية كلها
كان السجين رجلا متوسط الطول , ملامحه تدعو إلى النفور و لا تبعث الطمأنينة , بدا كأنه رجل يألف السجون , انتحب و قال : - أقسم برب الملائكة أني لم أفعل ذلك أبدا , شخص ما وضع هذه التماثيل في حقيبتي , لقد كانت مكيدة , و الذي حدث أنني ذهبت مباشرة إلى غرفتي عندما دخلت إلى البيت ما كنت أعلم شيئا حتى صرخت بيتسي .. ساعدني يا رب فإني لم أفعلها
نهض بوارو كأنه يريد المغادرة , قال : - إن لم تستطع أن تقول الحقيقة كاملة فإن هذه هي النهاية - و لكن .. - لقد ذهبت إلى الغرفة حقا , لكنك كنت تعلم أن سيدك كان ميتا , و كنت تستعد للفرار حين عرفت بيتسي الطيبة هذه الفعلة المفزعة
حدق الرجل إلى وجه بوارو بذهول تام , قال بوارو : - ماذا أصابك ؟ سأقول لك كلمة أخيرة : صدق أن هذه هي فرصتك الأخيرة إن كنت صريحا - سأعترف بالحقيقة , لقد كان الأمر كما قلت تماما : دخلت و ذهبت مباشرة إلى السيد فوجدته ميتا على الأرض و الدماء حوله , ثم خطر ببالي أنهم سيكشفون صحيفتي السابقة , و يقولون حتما بأنها من فعلتي قبل أن يعرفوا الجاني ! - و ماذا عن التماثيل ؟
تردد الرجل : - أنت ترى .. - لقد أخذتها بدافع الغريزة ,أليس كذلك ؟ سمعت سيدك يقول بأنها قيمة و أردت أن تأخذ أكثر من حقك , إني أفهم ذلك .. الآن أجبني عن هذا السؤال : هل سرقتها في المرة الثانية التي دخلت فيها الغرفة ؟ - لم أذهب مرة ثانية , مرة واحدة فقط .. - هل أنت متأكد ؟ - نعم .. متأكد بلا ريب يا سيدي ! - حسنا متى خرجت من السجن ؟ - قبل شهرين .. - كيف تدبرت هذا العمل ؟ - من إحدى جمعيات مساعدة السجناء , قابلني أحد رجالها حين خرجت - ماذا كان شكله ؟ - ليس قسيسا لكنه بدا كذلك : قلنسوة سوداء ناعمة , طريقته في المشي مبالغة , له سن مكسور , يلبس نظارة , كان يسمي نفسه سوندرز , قال لي : ((آمل أن تكون نادما وقد وجدت لك عملا مناسبا !)) و ذهبت إلى العجوز بتوصية منه - شكرا , الآن فهمت كل شيء , و عليك أن تصبر قليلا .. – و خطا خطوات ثم التفت – إن سوندرز أعطاك حذاء , أليس كذلك ؟
ارتعد غرانت من المفاجأة : - يا إلهي ! هذا صدق ! لقد أعطاني حذاء و لكن كيف عرفت ؟ - تلك هي مهنتي .. كشف الخفايا
و بعد حديث قصير مع المفتش قمنا ثلاثتنا إلى مطعم ((وايت هارت )) و كانت جلسة عامرة بالنقاش حول البيض و اللحم و عصير تفاح ديفونشير , و سأل انغليز بوارو بلطف : - ألا من توضيح في النهاية ؟ - بلى القضية واضحة تماما لكن يصعب إثباتها , قتل والي بأمر من الأربعة الكبار لا بيد غرانت , في القضية رجل ذكي استطاع أن يدبر عملا لغرانت لكي يجعله كبش فداء و يصبح الأمر سهلا بسبب سجل غرانت الإجرامي
أعطاه زوجا من الأحذية و عنده حذاء مطابق تماما , و الذي حدث أن غرانت خرج من البيت كعادته , و خرجت بتسي تثرثر في الرقية , و ربما كانت تفعل ذلك دائما جاء صاحبنا و في رجله الحذاء المطابق و دخل المطبخ و عبره إلى غرفة المعيشة و أسقط الرجل العجوز بضربة قاسية ثم عمد إلى حنجرته فقطعها , ثم عاد إلى المطبخ و خلع الحذاء و لبس حذاء آخر و صعد إلى عربته آمنا و مضى ..
نظر انغليز إلى بوارو نظرة تساؤل ..
- لا يزال عندنا أسئلة تطالب بالأجوبة .. لماذا لم يره أحد ؟ - نعم , هنا يكمن ذكاء رقم ((4)) , كل الناس قد رأوه , تأكد , لكنهم أقسموا أنهم لم يروا أحدا, و هنا يجب أن نكشف شيئا : أنه كان يقود عربة الجزار ..
صاح انغليز و قد استحسن هذا الرأي : - هذا الشرير اللعين ! - نعم , ذاك رقم ((4)) كم هو ذكي
و همست : - ذكي مثل هيركيول بوارو ؟
رمقني بنظرة قاسية : - تبدو منك كلمات ساخرة , ينبغي أن تنتهي يا هيستنغز , ألم أنقذ رجلا ؟ إن هذا يكفي ليوم واحد
| |
| | | dodo57kid محقق مميز
المساهمات : 2546 الجنس : العمر : 30 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-12, 4:15 pm | |
| واو معكي حق فعلا القصة دي من اروع ما كتبت اجاسا كرستي | |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-12, 6:37 pm | |
| شكرا لك ياdodo57وأسماء وراح انزل الفصل الخامس الحين | |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-12, 11:53 pm | |
| الفصل الخامس
عندما برأ المحلفون روبرت غرانت صاحب السجل المنحول لبيغز من جريمة قتل جوناثان والي كان ذلك مخالفة لظنون المفتش ميدوز الذي لم يكن قانعا ببراءته , فهو صاحب سجل إجرامي , و التماثيل وجدت في حقيبته , و حذاءه جاء مطابقا للآثار التي خلفتها قدما الجاني , كل هذا في الحقيقة يدعو إلى قلق المفتش الكبير
لكن بوارو استطاع إقناع هيئة المحلفين بعد أن فرض بقوة شهادته ضد رغبة المفتش , فقد قدم شاهدين رأيا عربة الجزار و هي تسير نحو بيت البنغالو صباح ذاك الاثنين الذي تمت فيه الجريمة , و عند استجواب الجزار اعترف أن عربته تذهب هناك يومي الأربعاء و الجمعة فقط
و اعترفت إحدى نساء القرية أنها رأت الرجل الجزار و هو يغادر البنغالو , و هي لم تستطع أن تقدم وصفا مفيدا له, لكنها ما زالت تذكر شيئا قد علق في ذهنها :أنه رجل أوسط الطول حليق اللحية أشبه بالجزار تماما
قال بوارو لي بعد المحكمة : - تماما كما أخبرتك يا هيستنغز , أن هذا الرجل فنان لا يخفي شخصيته بلحية مزيفة و نظارة سوداء فحسب , فهذا أقل دور يتبعه الرجل المحترف , بل يستطيع أن يعيش متقمصا دوره بإتقان و عناية
أجد في نفسي رغبة أن أعترف أن الرجل الذي زارنا من هانويل استطاع خداعي , لقد بدا ظاهره يليق تماما بوظيفة قيم المصحة العقلية , لم يخطر ببالي ذرة من الشك في صدق شخصيته
كان كل شيء يثير الشك , لكن خبرتنا الضئيلة في دارتمور لم تسعفنا بتاتا , حاولت أن أجادل بوارو و لكنه لم يكن يعترف أننا لم نكتسب شيئا البتة و قال : - نحن نتقدم يوما فيوم ,كلما تماسسنا مع هذا الرجل تعلمنا شيئا جديدا عن أسلوبه و تفكيره و هو لا يعرف عنا و لا عن خطتنا شيئا
قلت أعارضه : - صراحة لا يبدو أن عندك خطة , كل ما في الأمر انك تجلس تنتظره أن يفعل هو شيئا ..
تبسم بوارو ابتسامة فيها سخرية ثم قال : - يا صديقي , أنت كما أنت, لن تتغير يا هيستنغز .. - و سمع طرقا على الباب - .. ربما تكون هي فرصتك , لعله صاحبنا المنتظر !
ضحك بوارو من خيبتي عندما دخل المفتش جاب و معه رجل , قال المفتش : - مساء الخير يا سيد بوارو , اسمح لي أن أعرفك الكابتن كنت رجل الاستخبارات السرية الأمريكية
كان الكابتن كنت رجلا طويلا نحيفا , له وجه ذو ملامح جامدة كأنه نحت من الخشب , قال و هو يصافحنا بقوة : - تسرني رؤيتكما أيها السيدان
أضاف بوارو قليلا من الحطب في الموقد المشتعل و جلب كراسي أخرى أكثر راحة و ذهبت أنا أحضر عصير البرتقال .. قال الكابتن بعد أن رشف رشفة عميقة من العصير البارد : - القانون عندكم ميزته الثبات , فهو لم يتغير منذ فترة طويلة
قال جاب : و الآن إلى العمل أيها السادة , لقد طلب مني السيد بوارو أن أخبره – في أي وقت – إذا ذكر اسم الأربعة الكبار في عملي الرسمي , و لم أهتم كثيرا بهذا , لكنني ذكرت حين جاءني الكابتن كنت و قص علي قصة غامضة تثير التساؤل فقررت عندها أن نأتي سريعا إلى بيت بوارو
نظر بوارو إلى الكابتن الأمريكي بإمعان عندما بدأ يسرد القصة : - لعلك تتذكر يا سيد بوارو أن عددا من المدمرات و قوارب الطوربيد غرقت في البحر اثر اندفاعها الغريب ناحية الساحل الصخري على شواطئ أمريكا , و كان ذلك عقب الزلزال الياباني تماما كان التأويل العام لتلك الحادثة يومئذ أنها كانت نتيجة لموجة بحرية شديدة أعقبت ذاك الزلزال الرهيب , و لكن قبل و قت قصير اعتقلت شرذمة من المحتالين و القراصنة , و ضبط في حوزتهم بعض الوثائق التي أدت إلى فتح ملف القضية مرة أخرى و أخذت المسألة بعدا أخر أظهر أن الوثائق تخص منظمة مخفية تدعى ((الأربعة الكبار ))
لقد احتوت تلك الوثائق وصفا غير واف لبعض المنشآت اللاسلكية التي تعمل من أجل تركيز قوة مغناطيسية هائلة على بعد مسافة معينة أبعد من أي مسافة معينة أبعد من أي مسافة بلغتها , و هي قادرة على تركيز إشارة لاسلكية ذات تردد عال فوق منطقة ما , لقد بدت هذه المزاعم حول إنجاز كهذا أقرب إلى الخيال , لكنني حولتها إلى القيادة من أجل الاطلاع و الدراسة , ثم تولى الأمر عالم أمريكي كبير لدراسته و كشف حقيقته
الجدير بالذكر أن أحد علمائكم الإنكليز أنجز بحثا في هذا الأمر أمام الجمعية البريطانية , و لم يقدر زملاؤه خطر هذا الأمر حق التقدير , و كانوا جميعا على رأي واحد : أن هذا خيال حتما
لكن هذا العالم ظل عرضة للهجوم و الملاحقة لا سيما حين أعلن أنه يوشك أ ينجح
بوارو – باهتمام بالغ - : حسنا , أكمل يا كابتن ..
- أشير علي أن أزور إنكلترا من أجل مقابلة هذا الرجل العالم – و اسمه هاليدي – صاحب الخبرة الغزيرة في هذا الشأن من أجل أن أعلم كيف يمكنه أن ينفذ نظريته
سألته بلهفة : و هل تم ذلك ؟ - كلا لم أستطع رؤية الخبير هاليدي اختفى في ظرف غامض - متى ؟ - قبل شهرين - هل أبلغتم الشرطة ؟ - حتما لقد أقبلت زوجته علينا و هي في اضطراب و قلق شديد , و حاولنا أن نبذل كل ما في طاقتنا لكنني كنت أعلم أن ذلك عديم الجدوى - عديم الجدوى ؟ لماذا ؟
طرقت عينا جاب قبل أن يتكلم : - عديم الجدوى إذا اختفى رجل هكذا بهذه الطريقة - أية طريقة ؟ - إنها باريس ! - هاليدي إذن اختفى في باريس ؟ - أجل ذهب إليها في مهمة علمية , هكذا أخبر زوجته . لكننا نفهم معنى اختفاء رجل في باريس , فإما أن يكون اعترضه قاطع طريق فانتهى أمره , أو انه اختفى بإرادته هو , و هذا يبدو أرجح : رجل مولع بالملذات الباريسية , سئم الحياة في وطنه ؛ لأن هاليدي قد تنازع مع زوجته قبل سفره و هذا وضح الحكاية
قال بوارو و على وجهه علامة الاستنكار : - هذا شيء عجيب !
كان الرجل الأمريكي ينظر إلى بوارو بشيء من الفضل ثم تكلف في لهجته و هو يطرح سؤاله : - هل لك يا سيدي أن تخبرنا من هم الأربعة الكبار ؟ - الأربعة الكبار منظمة دولية زعيمها صيني يدعى رقم ((1)) أما رقم ((2)) فهو رجل أمريكي ثري , رقم ((3)) امرأة فرنسية , رقم ((4))المدمر , رجل إنكليزي
صفر كنت عجبا و قال : - امرأة فرنسية و هاليدي قد اختفى في فرنسا ! ربما كان بينهما علاقة , ما اسمها ؟ - لا أدري , إني لا أعرف عنها شيئا - لكنها نظرة جديرة بالملاحظة , أليس كذلك ؟
هز بوارو رأسه موافقا و يده تمتد إلى الطاولة الصغيرة تصف كؤوس العصير , تلك هي عادته : يحب النظام و التنسيق ! و قال كنت : - هل الأربعة الكبار من عمل الألمان ؟ وهل لهذه المنظمة علاقة بغرق الزوارق ؟ - الأربعة الكبار يعملون من أنفسهم و من أجل مصالحهم فقط أيها الكابتن , هدفهم هو الهيمنة على العالم
انفجر الأمريكي بضحكة صاخبة لكنه قطعها حين لمحت عيناه وجه بوارو صارما جادا , و قال بوارو بتهكم و سخرية : - أنت تضحك يا سيد , أنت لا تفكر , أنت لا تستعمل خلايا دماغك الرمادية
قال جاب : و الآن بعدما سمعت قصة الكابتن هل أستطيع خدمتك بشيء ؟ - نعم , أريد عنوان السيدة هاليدي و تعريفا موجزا لها إن سمحت
في صباح اليوم التالي كنا نحث الخطى إلى شيت ويندلودج قرب قرية شوبهام , حيث كان في استقبالنا السيدة هاليدي فورا , كانت امرأة طويلة شقراء , حادة المزاج و الحركة , معها طفلتها الصغيرة الجميلة في الخامسة من عمرها . سمى بوارو نفسه و أوضح سبب الزيارة ..
- ها ! سيد بوارو , كم يسعدني مقدمك! أشكرك أشكرك , لقد سمعت عنك كثيرا , فأنت تختلف كثيرا عن رجال سكوتلانديارد هؤلاء الذين لا يكادون يفقهون الحقيقة , و الشرطةالفرنسية و هم أسوأ , كلهم مقتنعون أن زوجي قد هم زوجي هو عمله المخبري , نصف شجارنا كان من أجل ذلك , فهو يحفل بعمله و لا يحفل بي !
بوارو – بهدوء - : هم كذلك الرجال الإنكليز : انشغال في العمل أو الرياضة , انهم يحملون الأمور بجد كبير ! و الآن يا مدام هلا سردت علي القصة بشيء من التفصيل و الدقة و بما رأيت و سمعت قدر استطاعتك و ظروف الاختفاء إذا أمكنك ذلك ؟
- زوجي ذهب إلى باريس يوم الخميس 20/7 , كان يريد مقابلة رجال كثر لهم صلة بعمله و زيارتهم , و منهم مدام أوليفير ..
هز بوارو رأسه لما سمع اسم الكيمياوية الفرنسية الشهيرة التي فاقت شهرتها العملية شهرة مدام كوري بما أنجزت بذكاء , لقد قلدتها الحكومة الفرنسية وساما رفيعا و أصبحت أبرز علماء فرنسا المعروفين .
- وصل باريس في المساء و قصد من فوره فندق كاستيج ليون و في صبيحة اليوم التالي كان على موعد مع الخبير بورجونوا الذي وفى بوعده كان سلوكه عاديا و بهيجا , و كان بينهما حديث جاد هام , ثم كان ضروريا أن يذهب زوجي إلى مختبر الخبير في اليوم التالي كي يرى تجاربه
أكل الغذاء في مقهى رويال وحده , ثم ذهب يتمشى في بوا , ثم زار مدام أوليفير في بيتها في باسي , و كان هناك طبيعيا تماما , ثم غادر منزلها في الساعة السادسة و لم يعرف أحد أين أكل عشاءه , ربما في أحد المطاعم وحده !
وصل الفندق حوالي الساعة الحادية عشرة , و ذهب إلى غرفته بعد أن سأل إن كانت قد وصلته أي رسائل , ثم في صباح اليوم التالي خرج من الفندق ماشيا و لم يشاهد بعدها !
- متى غادر الفندق ؟ في الساعة المعتادة لكي يلتزم بموعده في مختبر الخبير بورجونوا ؟ - لا نعرف على وجه الدقة ,لم يره أحد و هو يغادر الفندق , لكن طعام الإفطار لم يقدم له إذن فقد خرج مبكرا .. - أليس يجوز أنه خرج مرة أخرى في الليلة التي عاد فيها ؟ - لا أظن , لقد ظهر من سريره أنه نام عليه , ناهيك أن موظف الفندق لا بد أن يلمح أي زبون يخرج في هذه الساعة المتأخرة من الليل - تلك مجرد ملاحظة مجردة يا مدام ,لعلنا نعتمد الرأي القائل بأنه خرج مبكرا , و هذا فيه طمأنينة من جهة واحدة : أنه لم يقع ضحية قطاع الطرق في باريس , لكن هل ترك خلفه أمتعته كلها ؟
بدت السيدة هاليدي كأنها كرهت الجواب لكنها قالت أخيرا : - لا بد أنه أخد معه حقيبة الأوراق الصغيرة
قال بوارو و هو شارد في برهة تفكير عميق : - عجبا ! أين كان ذلك المساء ؟ لو أجيب هذا السؤال كشفنا أشياء كثيرة , من الذين قابلهم ذلك المساء ؟ هنا يكمن الغموض , ليس علي أن أقبل رأي الشرطة , فهم – غالبا – يبحثون عن المرأة , لكن شيئا قد وقع في تلك الليلة فغير زوجك برنامجه .. قولي لي : حين سأل عن الرسائل حين عودته إلى الفندق ألم يستلم رسالة ؟ - واحدة فقط, الرسالة التي كتبتها له يوم سافر من إنكلترا
ظل بوارو في تفكيره لحظات , ثم نهض فجأة و انتصب قائلا : - حسنا يا مدام , السر في باريس , و لكي نجد الحل لا بد من السفر إلى باريس , سوف أذهب أنا هناك - لقد انقضى زمن طويل منذ ذلك يا سيد بوارو ! - نعم , لكن ينبغي أن نبحث هناك
و قام إلى الباب مغادرا لكنه التفت بعدما أمسك مقبض الباب قائلا : - ألا تذكرين يا مدام أن زوجك ذكر كلمة ((الأربعة الكبار )) ؟
- .. ((الأربعة الكبار )) .. ((الأربعة الكبار )) .. كلا لا أذكر
| |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-13, 4:50 pm | |
| | |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-14, 12:20 pm | |
| الفصل السادس
بدأنا صباح اليوم التالي رحلتنا باتجاه باريس , و قال لي بوارو بكآبة : - الأربعة الكبار يدفعونني إلى العمل دفعا , أصعد و أنزل في كل مكان مثل صديقنا القديم صائد الثعالب
كان يقصد جيرود أكثر رجال الأمن شهرة في فرنسا و الذي قابله أكثر من مرة , فقلت : - ربما تقابله في باريس !
تجهم وجه بوارو ثم قال : - أرجو الله خالصا ألا أنعم برؤيته , فأنا لم أكن على وفاق مع ذلك الرجل و هو لا يحبني ! - و لكن مهمتك يا بوارو شاقة إذ تبحث عن رجل إنكليزي مجهول مضى على اختفائه نحو شهرين - بالتأكيد يا صديقي , إنها مهمة صعبة جدا ! لكنك لا تعرف جيدا أن بوارو رجل يعشق المغامرة و يهوى الصعاب و يستمتع بحلها ! - هل تظن أن الأربعة الكبار هم الذين اختطفوه ؟ - نعم
كان ضروريا أن نزور الأماكن و نتأكد من المعلومات و التحقيقات القديمة , لكننا لم نستطع الزيادة على ما أخبرتنا به مدام هاليدي بوارو التقى الخبير بورجونوا مطولا من أجل معرفة أي شيء عن برنامج هاليدي لقضاء ذاك المساء المشؤوم لكن دون جدوى
المحطة الثانية هي مدام أوليفير .. كان المكان مثيرا , شعرت بإحساس غريب يسيطر علي و نحن نصعد عتبات قصرها الجميل في باسي , و قد أصابني ذهول أن امرأة تصل إلى هذا الحد البعيد من العلوم البحتة , كنت أحسب أن هذا الميدان حكر على الرجال , و أن هذا الإنجاز العلمي لا يتقنه إلا عقول الرجال
فتح الباب خادم فتى صغير لم يتجاوز السابعة عشر فذكرت صورة مساعد الكاهن من طريقته و حركاته التي تشبه الطقوس الدينية الكهنوتية
هذه المقابلة تمت بعد جهد كبير لتثبيت موعد مع مدام أوليفير ؛التي لا تكاد تستقبل أحدا , فهي في شغل دائم بحثا و تجارب طوال اليوم
دخلنا القصر و سرنا نحو صالة صغيرة , و في الحال جاءت سيدة القصر تستقبلنا .. طويلة , فارعة الطول , عليها رداء أبيض طويل أضفى عليها بهاء و مهابة , و كانت تعتمر بقلنسوة ممرضة
كان وجهها يميل إلى الطول و فيه شحوب مميز , عيناها سوداوان بنظرات ثاقبة تشتعل نزقا و حدة
بدت عندئذ كأنها قديسة أتت من التاريخ لا امرأة فرنسية عصرية , و كان أحد خديها ذا أثر من جرح أو حرق فذكرت ذاك الحادث الذي أدى إلى مقتل زوجها و اثنين من العاملين معه اثر انفجار في مختبره قبل ثلاثة أعوام و قد أصيبت هي بحروق بالغة , و منذ ذلك الحين اعتزلت الناس و انصرفت لأبحاثها العلمية بطاقة عجيبة و عزيمة ملتهبة
كان استقبالها مؤدبا و فاترا بعض الفتور , ثم قالت بوقار : - قابلني رجال الشرطة عديدا أيها السيدان , و يبدو أنني لا أستطيع لكما عونا ؛لأن ليس عندي غير هذا - مدام أوليفير , ربما أسألك أسئلة مختلفة تماما , و لكي لا نضيع الوقت دعيني أسأل هذا السؤال : فيم كنت تتحدثين أنت و السيد هاليدي ؟
تفاجأت من سؤاله : - في عملي قطعا و في عمله كذلك - هل خاض نظرياته التي كانت ضمن بحثه الذي قدمه أمام الجمعية البريطانية أخيرا ؟ - قطعا , هذا كان أساس حديثنا - كانت أفكاره خيالا أليس كذلك ؟ - كثير من الناس يظنون ذلك لكني لا أوافقهم - إذن أنت تعدينها قابلة للتطبيق .. - حتما , حتما , و بصورة نموذجية و هذا هو محور أبحاثي التي أعكف عليها لأنجزها مع اختلاف في الطريقة , ذات مرة كنت أعالج أشعة جاما بمادة تدعى (راديوم سي ) و هي عنصر غازي ناتج عن الراديوم فرأيت نتيجة عجبا أثارت اهتمامي , و هي في حقيقتها تتعلق بالطبيعة الفعلية للقوة التي نسميها القوة المغناطيسية , لكن الوقت لم يحن لإعلان أبحاثي هذه على الملأ . و لقد أفدت من السيد هاليدي ووجهات نظره التي أثارت اهتمامي كثيرا
هز بوارو رأسه موافقا ثم سألها سؤالا أثار دهشتي : - مدام أوليفير أين تباحثتما ؟ هنا في هذا المكان ؟ - كلا يا سيد بوارو بل في المختبر - هلا نظرت إلى المكان ؟ - بالتأكيد , تفضل
و سارت أمامنا إلى الباب الذي دخلت منه , حيث عبرنا ممرا قصيرا يؤدي إلى المختبر الكبير الذي كان يمتلئ بالأدوات المخبرية و الأكواب الزجاجية و الأجهزة التي لا أستطيع حفظ أسمائها , و كان فيه شخصان منشغلان سمتهما مدام أوليفير لنا : - الآنسة كلودي إحدى مساعداتي القديرات ..
انحنت لنا , كانت فتاة طويلة شابة ذات وجه حاد .. - السيد هنري : صديق قديم ثقة
كان شابا قصيرا أسمرا , انحنى لنا باحترام كان بوارو يستطلع المكان بعينيه فرأى بابين آخرين للمختبر يوصل أحدهما إلى حديقة القصر الخلفية , و الآخر إلى غرفة أبحاث أخرى صغيرة
أعرب بوارو عن شكره لمدام أوليفير و تساءل و هو يعود إلى الصالون : - مدام , هل كنتما وحدكما أثناء اللقاء ؟ - نعم , مساعداي كانا في غرفة الأبحاث الصغيرة - و هل أمكنهما الاستماع إلى حديثكما هما أو غيرهما ؟ - لا أظن , ذلك حتما غير جائز , الأبواب كلها كانت مغلقة - ربما يختبئ شخص ما في هذا المكان - في الزاوية هناك خزانة كبيرة لكنها فكرة سخيفة - حسنا , بقي لدي سؤال: هل ذكر السيد هاليدي أي ملاحظة عن برنامجه ذاك المساء ؟ - بتاتا , لم يذكر شيئا من هذا
قام بوارو شاكرا يودعها بلطف و احترام , و اعتذر إن كان قد أحدث إزعاجا مفاجئا بما يلي عليه واجبه نحو عمله الشاق المضني
كنا نهم بالخروج من الصالة عندما دخلت من باب القصر امرأة صعدت بسرعة نحو الدرج دون أن تبدي بنا اهتماما , و قد دل ثوبها الأسود على أنها أرملة فرنسية
أثارت طريقة دخول هذه المرأة إلى المنزل اهتمام بوارو فأبدى استغرابا: - امرأة غير طبيعية , تثير التساؤل و العجب ! - مدام أوليفير ؟ نعم إنها .. - كلا يا هيستنغز لا أعني مدام أوليفير , تلك المرأة نادرة ذات شخصية فذة ربما يفتقد العالم أمثالها , لكني أعني هذه المرأة التي رأيناها على الدرج
قلت بدهشة : - لكنني لم أستطع رؤية وجهها و لا أظنك كنت قادرا أن تستبين ملامحها , إنها لم تلتفت إلينا ...
بوارو –بهدوء- : هذا هو السبب الذي جعلني أقول ذلك .. امرأة تدخل البيت كأنه بيتها , معها مفتاح الباب , و تركض بسرعة نحو أعلى الدرج دون أن تنتبه لزائرين غريبين في البيت . هذا أمر غير طبيعي يدعو إلى الإثارة و الدهشة ,أمر غريب حقا !
امتدت يد بوارو نحوي بقوة و جذبني بسرعة إلى الخلف في وقت مناسب تماما فقد انهالت شجرة سرو ضخمة كانت تنتصب في صف الأشجار الذي يحادي الممر الذي كنا نسير فيه و كادت تهوي على رأسينا , جمدنا في المكان و كلنا رعب و دهشة , كان وجه بوارو شاحبا ثم قال بانزعاج : - كانت قريبة منا جدا ذلك عمل أحمق طائش , لم أكن أتوقعه يوما لكن عيني كانت بالمرصاد , كاد بوارو أن يختفي من الوجود فتحل عندئذ في العالم كارثة مفجعه ! و أنت أيضا يا صديقي , لكن موتك لن يكون مصابا وطنيا على كل حال
فقلت ببرود : - شكرا على هذا التقدير , دعنا من هذه الثرثة الجوفاء , ماذا تريد أن تفعل الآن ؟ - الآن , نعم نعم , يجب أن نفكر لندرب خلايانا الرمادية , هل كان السيد هاليدي في باريس حقا ؟ نعم ؛ لأن الخبير بورجونوا الذي يعرفه رآه و كلمه صباح الجمعة , و كانت آخر مرة شوهد فيها الساعة الحادية عشر من مساء الجمعة , لكن هل شوهد وقتئذ حقا ؟ و من ذا رآه ؟ - حمال الفندق .. - حمال المناوبة الليلية الذي لم ير هاليدي من قبل ؟ انه رأى رجلا يشبه هاليدي تماما , إنني أثق بقدرة رقم ((4)) على تقمص هذا الدور .. يسأل عن الرسائل , يصعد إلى أعلى يحمل حقيبة أوراق صغيرة , ثم ينسل في صباح اليوم التالي باكرا , لم يشاهد أحد السيد هاليدي مساء يوم الجمعة ؛ لأنه كان قد وقع في أيدي أعدائه !
هل كان الرجل الذي التقته مدام أوليفير هو هاليدي ؟ نعم رغم أنها لم تكن تعرفه من قبل , لأنه من الصعب على الذي ينتحل شخصيته أن يخدعها في شأنها العلمي المتخصص , جاء هنا و قابلها ثم غادر , فماذا بعد ذلك ؟
أمسك بوارو بذراعي و عاد أدراجه إلى الخلف .. - الآن تخيل أن هذا اليوم هو الذي أعقب يوم اختفائه , دعنا نتتبع أثر الأقدام , أنت تحب آثار الأقدام , أليس كذلك ؟ انظر هنا , هذه قدم رجل تتجه نحو اليمين تتبعه قدم صغيرة مسرعة , قدم امرأة شابة تلبس حجاب الأرملة تلحقه و تناديه : (( سيدي , مدام أوليفير تريد أن تتحدث معك )) , يتوقف فيدور , تقوده المرأة الشابة , لكن , إلى أين ؟
لم يكن مصادفة أن المكان الذي لحقت به فيه هو الذي يتفرع منه ممر آخر , قالت له : (( هذه الطريق أقصر يا سيدي ))
عن اليمين حديقة بيت مدام أوليفير , و عن اليسار حديقة منزل الجيران , و من تلك الحديقة سقطت شجرة .. بابا الحديقتين يفتحان على الممر .. الكمين هناك : رجال يخرجون و يغلبونه و يحملونه إلى الفيلا الغريبة !
صرخت مذهولا : - تريد مقابلة مدام أوليفير مرة أخرى ؟
تبسم بوارو باستخفاف : - كلا يا هيستنغز , بل مقابلة المرأة التي رأيناها على الدرج - من تراها تكون قريبة مدام أوليفير ؟ - الغالب أنها سكرتيرتها , وربما وظفت من زمن قريب - هلا أخبرتني باسم الأرملة التي دخلت قبل قليل ؟ - مدام فيرونوا سكرتيرة المدام ؟ - نعم هي , هلا طلبت منها أن تظهر قليلا لنحدثها ؟
توارى الفتى قليلا ثم أتى مرة أخرى
- عذرا , مدام فيرونوا ليست هنا ! - بل هنا , لكن أخبرها اسمي هيركيول بوارو و قل لها : من الضروري أن أراها الآن ؛ إني ذاهب إلى مدير الشرطة حالا ..
دخل الرسول مرة أخرى , و بعد برهة جاءت المرأة و دخلت المجلس فتبعناها , أماطت حجابها فكشف وجها نعرفه : إنها الخصم القديم – الكونتيسة الروسية – العقل المدبر لعملية سرقة المجوهرات الكبيرة في لندن , قالت : - أصارحكما , عندما نظرت إليكما في الصالة توقعت العاقبة الأسوأ ! - عزيزتي الكونتيسة روساكوف ...
هزت رأسها معترضة : - الآن أنا إنز فيرونوا , إسبانية متزوجة من فرنسي .. ماذا تريد مني يا سيد بوارو؟ قد سبق أن اصطدتني في لندن و الآن تلاحقني في باريس ؟ هل ستخبر مدام أوليفير ؟ نحن الروس مساكين لنا حق العيش أيضا ! - الأمر شديد الخطورة , أعتزم أن أدخل بيت الجيران و أحرر السيد هاليدي إن كان حيا , أنا عرفت كل شيء ..
لاحظت شحوبا قاتلا على وجهها , عصف بها ذهول قوي لكنها ملكت نفسها بعزم : - انه ما زال حيا لكنه ليس هنا , ما قولك أن نبرم بيننا عهدا : لي الحرية و لك السيد هاليدي حيا في صحة جيدة ؟ - موافق , كنت أوشك أن أقول هذا لكن لدي سؤالا : هل تشتغلين للأربعة الكبار يا مدام ؟
رأيت الشحوب على وجهها مرة أخرى , لكنها تجاهلت سؤاله و قالت : - هل تأذن لي بالاتصال بالهاتف ؟
أجرت مكالمة هاتفية حيث السيد هاليدي محبوس , قالت : - هل أنت أندريه ؟ أنا إنز .. إن البلجيكي ذا القامة القصيرة قد عرف كل شيء , أرسل هاليدي إلى الفندق ثم غادر المكان
ردت السماعة و جاءت إلينا تبتسم فقال لها بوارو : - سترافقيننا إلى الفندق يا مدام - توقعت طلبك , أنا جاهزة
أحضرت سيارة أجرة و انطلقنا معا إلى الفندق , كنت أرى القلق على وجه بوارو , و كان الاضطراب و التوتر يسيطران على الجو و الحذر يشمل الجميع , لكن الأمر تم سهلا , فحين وصلنا إلى ساحة الفندق جاء حمال – و قد عرف بوارو – فقال مستعجلا : - الآن وصل رجل مريض و سأل عنك , انه في غرفتك , أما ممرضته فقد خرجت سريعا من دون انتظار .. - لا عليك , انه صديقي
و صعدنا مسرعين إلى الغرفة فوجدنا شابا هزيلا منهكا تظهر عليه علامات الإعياء و الإرهاق يجلس عند الشباك خائر القوى مبدد الحول لا يستطيع كلاما و لا حركة !
سأله بوارو : - أنت السيد جن هاليدي ؟
هز رأسه .. - أرني ذراعك اليسرى ..
كان تحت كوعه الأيسر شامة .. كأس من الليمون المثلج أنعش هاليدي قليلا .. همس : - يا إلهي .. كنت في جحيم ! .. هؤلاء زمرة من الشياطين ! .. أين زوجتي ؟ لقد أخبروني أنها تظن .. ؟ - كلا , هي لا تظن ذلك البتة , إنها تثق بك كثيرا , ما زالت تنتظرك - أشكر الله , لا أصدق أني حر طليق ! - الآن أنت معافى يا سيدي , هلا قصصت القصة من أولها ؟
أصابت الرجل حالة ذعر و ارتباك و تغير وجهه ثم قال : - إنني لا أذكر شيئا - ماذا ؟ - هل سمعت بالأربعة الكبار ؟ - قليلا عنهم .. - أنت لا تعرف ما أعرفه , إن لديهم قوة غير محدودة , و إذا بقيت صامتا فسوف أظل في أمان و إذا ما نطقت بكلمة فلن أشعر بالأمان لحظة واحدة , و لن يشعر بالأمن أقربائي و كل أعزائي , فلا تحاول الجدال معي ؛ أنا على يقين من أمر واحد : إنني لا أذكر شيئا !
ثم نهض و خرج من الغرفة في حين جعل بوارو ينظر إليه مذهولا مدهشا كأنه ذاق مرارة الهزيمة
مرة أخرى حاول أن ينطق بعض الكلام بغيظ واضح لكنها كانت مكتومة لا تكاد تسمع : - إذن فالمسألة هكذا ؟ لقد ربح الأربعة الكبار مرة أخرى .. ما هذه الورقة بيدك يا هيستنغز ؟ - هذه ورقة كتبت عليها روساكوف قبل أن تغادر
أخذها و قرأها : (( وداعا . ((IV انه رقم يرمز إلى رقم ((4)) باللاتينية , إنني أعجب يا هيستنغز , إنني أعجب !
| |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-15, 8:16 pm | |
| الفصل السابع
كان الأنين المبعوث في أذني من غرفة جاري في الفندق قد أرق جفني فلم أنم , و كانت الشكوى المتقطعة التي أسمعها طوال الليل تحدث في نفسي أثرا عميقا يطرد عني النعاس و يملأ ليلتي أسفا و حزنا , إنها غرفة هاليدي التي نام فيها ليلة إطلاقه , بدا واضحا أن تجربته القاسية قد حطمت أعصابه و أخذت منه مأخذا عظيما !
و عجزنا في الصباح أ ننتزع من هاليدي شيئا , كان خائفا من انتقام هؤلاء الأشرار إذا تكلم , و كان متأكدا من القوة الهائلة التي يملكها الأربعة الكبار حتى بات يرفض النقاش في أمرهم
أكل غذاءه ثم سافر إلى إنكلترا حيث زوجته و طفلته الصغيرة
وجدت نفسي متحمسا للأحداث , و رأيت أن علي أن أواجه بوارو من قريب أو بعيد , لكن هدوءه الذي أزعجني جعلني أقول : - أرجوك يا بوارو دعنا نفعل شيئا ! - حسنا يا صديقي فماذا نفعل ؟ - نخبرهم عن الأربعة الكبار - نخبر من ؟ - الشرطة
تبسم بوارو ببرود ثم قال : - انهم لن يصدقونا , سيتهموننا بالجنون ؛لأننا لا نملك دليلا نستدل به , دعنا ننتظر .. - ماذا ننتظر ؟ - ننتظرهم حتى يقوموا بتجربة , انظر إلى لعبة الملاكمة , اللعبة المفضلة لديكم في إنكلترا : إذا لم يتحرك أحدهما فلا بد أن يتحرك الآخر و يسمح أحدهم لخصمه بالهجوم ليعرف طريقته و أسلوبه , و نحن الآن ندع الخصم يهجم ..
أوجست خوفا و ريبة من كلامه : - هل تظن أنهم سيفعلون ؟ - بلا شك , لقد حاولوا إخراجي من إنكلترا . ثم جريمة دارتمور التي ترمز لها معان مقصودة , ثم دخلنا و أنقدنا ضحيتهم من المقصلة , و أمس تدخلنا مرة أخرى في خططهم , انهم لن يقفوا حتما ساكتين إزاء ما كل ما جرى
كنت في تفكيري أتأول كلمته حين طرق الباب , و من غير استئذان دخل رجل إلى الغرفة و أغلق الباب خلفه و جلس
كان رجلا طويلا نحيفا بشرته شاحبة أنفه معوج قليلا , كان يلبس معطفا مزررا حتى ذقنه و قبعة ناعمة تغطي عينيه . قال بصوت نام : - عذرا أيها السيدان , قد دخلت دخولا غير لائق , لكن مهمتي خطيرة !
و جلس و هو يبتسم بخبث , فأثارني هذا الموقف و كدت أثب من مكاني لو لا أن بوارو منعني بإشارة من يده , ثم سأل هذا الزائر الثقيل : - كان دخولك فظا كما قلت , فما هي مهمتك ؟ - عزيزي السيد بوارو , أريد أن أخبرك بصراحة , أنت تزعج أصحابي - كيف ؟ - أنت تعرف كما أعرف يا سيد بوارو - و من هم أصدقاؤك هؤلاء ؟
لم يجبه بل أدخل يده في جيبه فأخرج علبة لفائف سحب منها أربعا و نقرها على الطاولة ثم أعادها .. - ها ها .. نعم , فالمسألة هكذا إذن ؟ و ماذا يقول أصدقاؤك ؟ - يقولون : (( عليك أن تعمل قدراتك الخارقة في غير هذا الشأن و أن تعود إلى حل مشاكل نساء المجتمع اللندني )) - يبدو أنه برنامج سلمي ! و إذا لم أوافق ؟
حرك يده حركة فيها معنى مقصود واضح: - طبعا ستأسف و تندم كثيرا , وسوف يحزن كل أصحاب السيد هيركيول بوارو العظيم حزنا لا ينفعهم لأن الحزن – مهما اشتد – لا يمكن أن يعيد للأموات الحياة ! - حسنا , هب أني موافق - إذن أدفع لك تعويضا ..
و أخرج من جيبه المحفظة و أخرج منها عشرة أوراق كل واحدة من فئة العشرة آلاف فرنك ألقى بها إلى الطاولة ثم قال : - هذا ضمان حسن النية فحسب , سوف تعطى عشرة أضعاف هذا !
أدركت أن الخصم بين أيدينا و أن الفرصة مناسبة لإخبار الشرطة من أجل أكبر انتصار في هذا الزمان , كان قلبي ينبض بقوة , شعرت بالهيجان و لم أعد أطيق انتظارا , و صرخت بعنف و أنا أقفز من مكاني : - يا إلهي ! هل تظن ..؟
لكن بوارو أقعدني بقوة و قال بحزم : - اجلس يا هيستنغز , اجلس مكانك .. ما رأيك يا سيد لو اتصلت الآن بالشرطة و صديقي يمنعك من الهروب ؟ - على كل حال افعل إن كنت تظنه من الحكمة .. - صرخت : لا أستطيع أن أحتمل أكثر .. انظر ..
نهضت بسرعة و خطوت خطوات كبيرة إلى الباب و ألصقت ظهري به , همس بوارو : يبدو أن هذه هي الطريقة المثلى
فقال زائرنا و هو يبتسم : - لكنك لا تثق بها , أليس كذلك ؟
و قلت بإصرار و عزم : - هيا يا بوارو لا تتأخر !
رفع بوارو السماعة فقفز الرجل قفزة مفزعة تشبه قفزة القط لكنها إلي , كنت على أهبة له فالتحمنا بعراك شديد أشبه بالمصارعة , و شعرت فجأة أنه ضعيف جعل يهوي بين يدي فزادني همة حتى طرحته أرضا و شعرت بنشوة النصر , و أخذ خيالي يطوف في نهاية مسرحية ..
ثم كان شيء غير عادي : وجدتني مقذوفا و رأسي يضرب بالحائط , نهضت مدهوشا أبحث عن خصمي الذي اختفى , ركضت نحو الباب فوجدته مقفلا علي , أسرعت إلى الهاتف : - مكتب الاستقبال ؟ أمسكوا الرجل قبل أن يخرج , رجل طويل يلبس معطفا طويلا مزررا و قبعة ناعمة , انه مطلوب للشرطة
مضت بضع دقائق قبل أن أسمع صوت المفتاح في الباب , كان مدير الفندق , و صرخت صرخة مجنون : - الرجل هل أمسكتموه ؟ - لا يا سيدي لم نر أحدا .. - كيف وقد مر بك الآن ؟ - لا يمر بي أحد بتاتا .. - بوارو : أظن أنكم مررتم بشخص ما ربما يكون موظفا هنا ؟ - نادل يحمل طبقا لا غير يا سيد - نعم , هكذا إذن ..
كانت الدهشة تملأ جو الفندق و الحيرة تراها في وجوه المسؤولين و خاض الناس في شك وتكذيب , لكن المسألة قد فهمها بوارو فقال بثقة : - من أجل هذا يلبس معطفا مزررا حتى ذقنه
همست بخجل و أنا أحس بالهزيمة : - كنت أظن أني أسقطته أرضا ! - نعم كانت خدعة يابانية , لا تثريب عليك يا صديقي , كل شيء سار حسب الخطة , خطتهم قطعا , و هذا ما كنت أريده
صرخت حين رأيت محفظة على الأرض , التقطتها بلهفة , إنها من أثر المعركة , لا بد أنها سقطت من جيب زائرنا العزيز !
كان فيها فاتورة باسم السيد فليكس لون , وورقة أخرى صغيرة من دفتر الملاحظات كتب عليها بخط غير واضح بالرصاص , كانت هذه الكلمات مثيرة لنا : (( اجتماع المجلس القادم يوم الجمعة , الساعة 11 صباحا : 34 – شارع إيشيلير)) و إمضاء رقم ((4)) بخط كبير
و كنا في يوم الجمعة , و الساعة 10.30 , صرخت بذهول : - يا إلهي إنها فرصة ثمينة , الأمور الآن بأيدينا , يجب أن نبدأ من هذه اللحظة .. لعل الحظ في هذه المرة كان لنا
همس بوارو كأنما يحدث نفسه : - انه جاء من أجل ذلك , أكاد أفهم كل شيء .. - ماذا فهمت ؟ يا بوارو متى ستكف عن محادثة نفسك ؟
نظر بوارو إلي نظرة إشفاق ثم ابتسم : - ((قالت العنكبوت للذبابة :هلا دخلت بيتي يا عزيزتي ؟ )) هذا نشيد الأطفال عندكم يا معشر الإنكليز , أليس كذلك ؟ الحذر الحذر يا صديقي , انهم ماكرون دهاة و لكن ليس بدهاء هيركيول بوارو - لا أفهم شيئا مما تقوله يا بوارو ! - ما زلت أسائل نفسي عن زيارة الصباح هذه , هل كانوا يأملون بالنجاح في رشوتي أم هي زيارة ترهيب لأخافهم و أترك مهمتي ؟ لكني الآن فهمت الحقيقة , إنها خطة ماكرة بلا شك و محكمة في الوقت نفسه , الظاهر هو الرشوة أو الترهيب , و المعركة كانت من أجل أن يكون سقوط المحفظة أمرا محتوما و أخيرا المصيدة : شارع إيشيلير , الساعة 11 صباحا , لكن القبض على هيركيول بوارو ليس سهلا , فليعلموا !
عرفت أني ساذج و بليد فقلت : - يا إلهي! انهم يعلمون الشياطين المكر و الدهاء - لكن فيها لغزا آخر : الوقت : لماذا لم يختاروا الليل ؟ أليس الليل أحسن لهم ؟ لماذا السعاة الحادية عشر صباحا ؟ هل في هذا الصباح كيد يدبرونه لا يريدون أن يعرفه بوارو ؟
كان بوارو في نوبة من الحيرة و القلق , ثم هز رأسه و قال : - إنني ماكث هنا و لن أغادر هذا الصباح , دعنا ننتظر , سوف نرى
كان الزمن يمر بطيئا ثقيلا كأن الساعة لا تتحرك , كان في رأسي خيال كثير و حوادث , كنت أشعر أحيانا بالعجز و الضعف عن المواجهة , و أحيانا أخرى بالإخفاق في أن أفهم ما يجري
الساعة الآن الحادية عشر و النصف و لم يحدث أي جديد ..
طرق الخادم الباب و سلم ورقة صغيرة زرقاء اللون لبوارو .. إنها من مدام أوليفير تطلب منه الحضور فورا ..
و نهضنا مسرعين إلى مدام أوليفير دون تأخير , و استقبلتنا في المجلس الذي قعدنا فيه أمس , ووجدتني في دهشة مرة أخرى من شخصية هذه المرأة القوية صاحبة الوجه الذي يشبه وجه الراهبة , إنها سدت الخلل الذي كان وراء مدام كوري و بيكريل , ذات هالة علمية مذهلة و عين متوقدة تكاد تسيطر على محدثها بنظرة ثابتة من طرفها , بادرت بالقول : - أمس قابلتماني من أجل هاليدي و بعد انتهاء المقابلة علمت أنكما دعوتما إينز سكرتيرتي , لكن دهشتي أنها غادرت القصر معكما و لم ترجع حتى الآن ! - هذه هي القضية أم عندك أمر آخر ؟ - كلا , بل الخطير أن اقتحاما تم الليلة الماضية للمختبر و اختفت أوراق و مذكرات قيمة , و لقد حاول اللصوص سرقة أي شيء آخر أشد خطرا , لكن الخزانة – من حسن الحظ – كانت مقفلة بإحكام ففشلوا أن يفتحوها ! - يجب أن علمي الحقيقة يا مدام : إن سكرتيرتك مدام فيرونوا هي الكونتيسة روساكوف اللصة المحتالة المشهورة , و هي المسؤولة عن اختفاء هاليدي , لكن كم مضى عليها و هي تعمل عندكم ؟ - منذ خمسة شهور تقريبا , ولكن هذا يدعو إلى الذهول ! - إنما هي الحقيقة , هل كان العثور على الأوراق سهلا أم أنه عمل يدل على معرفة سابقة ؟ - الأمر العجيب أن اللصوص كانوا يعرفون بغيتهم تماما , هل تظن أن مدام إينز .. ؟ - نعم لا شك أنها كانت الدليل , لكن ما هو الشيء الثمين الذي فشل اللصوص في سرقته ؟ جواهر ؟
هزت رأسها و هي تبتسم و قالت بصوت خافت : - بل أثمن من الجواهر كثيرا يا سيد بوارو .. راديوم ! - راديوم ؟ - نعم , إنني الآن اقترب من النهاية القصوى في تجاربي , و عندي قدر قليل من الراديوم , و قد قدم لي قدر أكبر من أجل تمام أبحاثي , و هذا القدر لو كان ضئيلا فإنه بالنسبة إلى المخزون العالمي قدر عظيم تساوي قيمته ملايين الدولارات ! - و أين هو الآن ؟ - في الحقيبة الرصاصية من الخزانة المحكمة التي تبدو عتيقة لكنها – بصراحة – انتصار فني في حقل الصناعة , و هي جعلت اللصوص يفشلون ! - كم يصح أن تحفظي هذا القدر من الراديوم . - لمدة يومين آخرين غير هذا اليوم ثم تنتهي تجاربي - هل تفهم مدام فيرونوا هذا ؟ - نعم - آها , إذن سيعود أصحابنا مرة أخرى , سوف أحمي ثروتك من الراديوم لكن لا تخبري أحدا .. هل عندك مفتاح للباب الذي يؤدي إلى المختبر من الحديقة ؟ - نعم , ها هو , عندي نسخة أخرى , و هذا مفتاح الباب الذي يؤدي إلى الممر الذي يطل على فيلا الجيران - شكرا لك يا مدام , اذهبي إلى النوم و أنت مطمئنة كالعادة , لا تقولي شيئا لمساعديك لا سيما السكرتيرة , دعي الأمر لي
كان بوارو متهلل الوجه و هو يغادر بيت مدام أوليفير , و كان يفرك يديه فرحة بنصر مرتقب , كانت الأمور كأنما تشير إلى الأحسن , سألته : - ماذا ستفعل الآن يا بوارو ؟ - الآن يا هيستنغز سوف نغادر باريس إلى إنكلترا - ماذا ؟ - كما أقول لك , سوف نحزم أمتعتنا و نأكل غذاءنا و نذهب بالسيارة إلى جيردونورد .. - و الراديوم ؟ - أقول : إننا سوف نسافر إلى إنكلترا , ولم أقل : إننا سنصل هناك ..
أعمل دماغك مرة يا هيستنغز , ألا تدري أنك مراقب ؟ يجب أن يطمئنوا أننا ذاهبون إلى إنكلترا , و لن يطمئنوا حتى يرونا نركب القطار و ننطلق ..
- و ننسل من القطار في آخر لحظة ؟ - كلا يا هيستنغز , بل لا يرضيهم أقل من المغادرة التي لا خداع فيها - لكن القطار لا يتوقف إلا عند كاليه - يقف في حالة واحد : إذا دفعنا له - سوف يرفضون و لا يقبلون , كيف يقف قطار سريع ؟ - هناك حيلة , ما هي غرامة إساءة استعمال المقبض الصغير في القطار ؟ مائة فرنك ؟ - هل ستمسك مقبض الباب و تسحبه أنت يا بوارو ؟ - بل صديقي بيير كومبوا سيفعله , و سوف يثير ضجة كبيرة مع الحارس فيكون مشهدا يستحوذ على انتباه المسافرين فننسل في أثناء ذلك خارجين !
خطة بوارو سارت كما رسم لها بعد أن قبل صديق بوارو القديم – الذي كان على صلة ببوارو و معرفة بأسلوبه و منهاجه في العمل – و استطاع أن يصطنع ضجة كبيرة كأنها قنبلة دخانية سترت فرارنا من القطار دون أن يحس بنا أحد
و تنكرنا تماما بعدما اشترى بوارو ما يلزم ذلك ووضعه في حقيبة صغيرة , و أصبح من غير السهل أن يعرفنا أحد بعد أن رأيت مشهدنا يدل على اثنين متسكعين يلبس كلاهما قميصا ضيقا قذرا ذا ألون فاقعة تدعو إلى السخرية !
أكلنا غذاءنا في أحد مطاعم باريس المغمورة و انتظرنا مغيب الشمس و الليل يحل على شوارع باريس و أزقتها , و سيطر الظلام و أخذت مصابيح البيوت و الحوانيت تقطع الظلام الدامس على جوانب المكان
ووجدنا أنفسنا قريبين من منزل مدام أوليفير , نظرنا إلى أعلى المكان و أسفله , لم نر أحدا , تسللنا إلى الممر المغطى بالشجر الموحش المهجور , كنا متأكدين أن لا أحد يتعقبنا لكن همسات الريح البارد الذي كان يلامس أوراق الشجر فيها نسمات الذعر !
ربما نكون مقدمين على مواجهة مع هؤلاء اللصوص الخطرين الذين ألفوا الموت فضلا عن القسوة و القتل لأتفه الأسباب , همس بوارو :
- لا أظن أنهم قدموا إلى المكان حتى هذه اللحظة , و ربما لا يأتون اليوم , انهم يعلمون أن لديهم ليلتين حتى يسرقوا الراديوم ليس أبعد
أدار بوارو المفتاح في القفل بحذر شديد و دخلنا حديقة البيت بخفه, لكن وجدنا أنفسنا في فك الذئب المرعب فوقعنا في الفخ ..
عشرة رجال كانوا يحيطون في الخفاء كالسوار , كانت المقاومة لا تنقع , أوثقونا ثم حمل أحدنا كما تحمل حزمة القش , فتح باب المختبر و زجونا فيه , و انحنى أحدهم أمام الخزانة الكبيرة و فتح بابها
شعرت برعدة خوف قاتلة تسري في عروقي و أيقنت أننا سنوضع في هذه الخزانة و لكن باب الخزانة و لدهشتي الشديدة انفتح عن درجات تنزل في ممر سري إلى الأسفل !
دفعنا على درجات بقوة إلى الأسفل , ثم غرفة سرية مرعبة و هناك رأينا قامة سوداء مهيبة : امرأة طويلة تلبس الثوب الأسود الطويل و تغطي وجهها بقناع من المخمل الأسود كذلك , كان واضحا أنها صاحبة السلطة و سيدة الموقف , و يدل على ذلك إشارتها الصامتة التي يمتثل لها الرجال الأشداء !
قذفنا الرجال على الأرض و تركونا وحدنا مع هذه المخلوقة الخفية خلف القناع الأسود , و لم يخامرني أدنى شك أن هذه المرأة هي رقم ((3)) الكبار الأربعة , المرأة الفرنسية المجهولة
جثت على ركبتيها و نزعت الكمامتين عن وجهينا ثم نهضت و انتصبت أمامنا , و بحركة مفاجأة و سريعة نزعت قناعها و كشفت الغموض ..
إنها مدام أوليفير !
قالت بتهكم و سخرية : - سيد بوارو العظيم صاحب الذكاء الخرق , لقد أرسلت إليك تحذيرا صباح أمس لكنك لم تأبه له , و ظننت أنك تستطيع مواجهتنا بذكائك الخارق , أليس كذلك ؟ لكنك أتيت بقدميك إلى هذا الموضع الذي لا تحسد عليه !
لم يجب بوارو لكني رأيت فكه الأسفل يرتخي و هو يحدق إليها .. لا شك أن المفاجأة أذهلته, و قالت هي بلطف : - حسنا هذه هي النهاية , لن نسمح لأحد أن يعترض خططنا , فاطلب طلبك الأخير ..
كنت أراقب الموقف و رأيت الموت أمامي , الموت له رائحة تعرفها تملأ المكان , لكن القتيل وحده هو الذي يشتم رائحته , و ذكرت زوجتي و أطفالي .. صور و خيال و شريط من الأحداث يمر سريعا في ذهني المكدود قبل أن أنظر إلى وجه بوارو , فوجئت بهيئة بوارو الهادئة , لا تبدو عليه آثار الخوف و الفزع و لم يغز الشحوب وجهه , كان رائعا حقا , عيناه على مدام أوليفير , قال بثبات :
- حسنا أيتها المرأة الفاضلة , إن فيك طبيعة مثيرة للاهتمام , لكن الوقت لا يسع لدراستها , لدي طلب بسيط , الرجل المدان يسمح له بالتدخين للمرة الأخيرة , في جيبي علبة لفائف لو تكرمت بالإذن ..
ثم نظر إلى القيد في يديه , فضحكت و هي تقول : - تريدني أن أفك قيدك ؟ انك امرؤ ذكي بلا شك , لكني لن أفك قيدك و سأجد لك لفافة تبغ
مدت يدها إلى جيبه و أخرجت علبة اللفائف ثم أمسكت منها واحدة ووضعتها بين شفتيه و نهضت و قالت : - والآن عود الثقاب , أليس كذلك ؟ - لا , ليس لازما , لا أحتاج إليه ..
كان في صوته جرس غريب أجفلني و أثار الريبة في نفس مدام أوليفير فارتعدت , فيما نطق هو بهدوء : - لا تتحركي سوف تندمين إذا فعلت , انتبهي إلي جيدا ! أرجوك أظن أنك تعرفين مادة الكورار (مادة تستخرج من بعض النباتات لتسميم السهام ) , هنود أمريكا الجنوبية يدهنون بها سهامهم , ان خدشا بسيطا بها يعني الموت , بعض القبائل يستعملون أنبوب النفخ و هذا ما أملكه لكن على شكل لفافة تبغ , ما علي سوى أن أنفخ فيها .. إن هذه اللفافة مدهشة ؛ أنفخ فيها فيخرج سهم دقيق كعظمة السمكة نحو هدفه يطير سريعا كالبرق .. انك حتما لا تريدين الموت يا مدام , إذن عليك أن تحرري صديقي هيستنغز من قيوده .. تعلمين أنني أستطيع أن أدير رأسي في كل الاتجاهات و يداي مقيدتان , إياك أن تفكري في الطريق الخطأ , حذار حذار من الخطأ و إن يكن صغيرا !
رعشة رعب سيطرت عليها , يداها ترتعدان , وجهها مصفر كثيب , شفتاها تميلان نحو الزرقة , حركاتها تنطق بالحسد الأسود , و لكنها نفذت أمر بوارو بدقة !
ثم جاء صوت بوارو يستمر في الأوامر بعد أن أصبحت حرا من قيودي : - سيد هيستنغز , قيد السيدة بسرعة , أحكم قيدها , تأكد من ذلك
ثم حررت بوارو من قيوده فورا و تلمسنا طريق الخروج فوجدناه مفتوحا , و كان جنودها خارج المكان , و قبل أن نفر من المكان اتجه بوارو نحو السيدة و أحنى ظهره و قال : - هيركيول بوارو لا يقتل بسهولة يا مدام , ليلة طيبة !
و بعد ثلاث دقائق كنا نجتاز المكان مسرعين و مازلت أكذب نفسي أننا عدنا إلى الحياة مرة أخرى و ما زلت في ذهول تام و لساني معقود من الانطلاق .. هل كان حلما مزعجا ؟
اندفع بوارو يثرثر و قد انتابه هيجان مثير , يتكلم بمزاج حاد لا يكاد يضبط كلامه : - أستحق كل الذي قالته لي المرأة , افني أحمق ثلاث مرات و أبله , و حيوان تعس غبي ستا و ثلاثين مرة ! ربما أستطيع أن أفخر بنفسي أنني نجوت منهم لكن تقديري كله كان خطأ , لقد نجحوا في خداعي ووقعت في الشرك كما أرادوا !
عرفوا أنني سأواصل حتى النهاية فصنعوا لذلك ما صنعوا , الآن أصبح كل شيء واضحا : السهولة التي استسلموا بها , و تسليم هاليدي , مدام أوليفير كانت هي الروح الحاكمة , فيرا روساكوف نائبتها , و قد استطاعت أن تتم أبحاثها بواسطة المعلومات التي أخذتها من هاليدي !
لقد عرفنا إذن من هو رقم ((3)) .. إنها أعظم امرأة في العالم !
الأربعة الكبار جماعة تضم عقل الشرق و عقل الغرب و قوتين أخريين مجهولتين .. يجب أن نعرفهما .. يجب ذلك يا هيستنغز !
سنعود إلى لندن لنبدأ البحث مرة أخرى ! - ألا تريد أن تخبر الشرطة عن مدام أوليفير ؟ - لن يصدقونني يا عزيزي , هذه المرأة هي رمز فرنسي , كما أننا لا نملك دليلا , سنكون محظوظين إن لم تبلغ هي الشرطة عنا - ماذا ؟ - نعم لقد وجدونا في قصرها ليلا , و معنا مفتاحه , و لن يكفي أننا قيدناها و كممناها بشكل مدهش و استنقذنا أرواحنا من مخالب الموت ..
| |
| | | SoŐoS محقق ذهبي
المساهمات : 2255 الجنس : العمر : 29 القسم المفضل : قسم المتحري كونآن ♥ الدولة : الهواية :
| موضوع: رد: الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) 2010-07-15, 8:17 pm | |
| لا أوصيكم على الردود انا مرا زعلانه تقرائو ولا تردو | |
| | | | الأربعه الكبار لأجاثا كريستي(من أروع ما قرأت لها) | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| المواضيع الأخيرة | » ذكرى المتوآجدون حآليآ ..2024-09-15, 8:33 pm من طرف Noufa..|» العضوة الجديد دمعه السعودية2024-08-03, 10:15 am من طرف دمعه السعودية » سجل حضورك بأسم احد الاعضآء2024-07-15, 1:35 pm من طرف Noufa..|» اترك لك هنا ... بصمة !! ( آية - حديث - دعاء - .... )>> لكل من يريد الاجر حتى بعد مماته ..ادخل <<2024-07-15, 12:25 pm من طرف ام اسامة55 » معرض الصور الخاص بِـ[منتديات المحقّق كونان]2024-04-14, 11:32 pm من طرف Noufa..|» *سلسلة -4- LOVE YOURSELF* 2024-03-28, 6:20 am من طرف *Aino*» كلمات أعجبتني2024-03-20, 7:39 pm من طرف ام اسامة55 » اختر,,وجاوب بصراحه؟؟؟اختار من 1-23 وجاوب بصراحه اختار رقم خلااااص اخترتاختار2024-02-25, 7:49 pm من طرف *Aino* |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 84 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 84 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 573 بتاريخ 2024-09-24, 1:30 pm |
|