اليوم لقيت موضوع مهم و ربما انه يختلط على البعض الا و هو المجاملة هل هي نفاق ام ضرورة
اتركم مع الموضوع
الفرق بين المداهنة والمدارة
أن المُداهنة والإدْهان : المصانعة واللين ، وقيل : المداهنة إظهار خلاف ما يضمر ، والإدهان الغش ، ودهن الرجل إذا نافق . كما يقول ابن منظور في لسان العرب .
وفي التوقيف على مهمات التعاريف : المداهنة أن ترى منكراً تقدر على دفعه فلم تدفعه ، حفظا لجانب مرتكبه ، أو لقلة مبالاة بالدين .
وأما المداراة : فهي المداجاة والملاينة ، كما في مختار الصحاح .
وقال ابن الأثير في غريب الحديث : المداراة ملاينة الناس وحسن صحبتهم ، واحتمالهم لئلا ينفروا عنك .
وفي المصباح المنير للفيومي : داريته مداراة : لاطفته ولايَـنْـتُـه .
فالأول – وهو المداهنة - تكون مع عدم طيب النفس ، ويكون مع عدم المحبة
وقد تكون المداهنة في أمر مُحرّم ، بل قد يكون في الكفر – عياذاً بالله -
ولذا قال عز وجل : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )
قال ابن عباس فيها : ودوا لو تكفر فيكفرون .
قال ابن العربي في أحكام القرآن : وحقيقة الإدهان ؛ إظهار المقاربة مع الاعتقاد للعداوة ، فإن كانت المقاربة باللين فهي مداهنة ، وإن كانت مع سلامة الدين فهي مداراة ، أي مدافعة .
قال ابن زيد في قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) قال : الركون الإدهان .
وقال عليه الصلاة والسلام : مثل الْمُدهِنِ في حدود الله والواقع فيها ، مثل قوم استهموا سفينة ، فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يمرّون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذّوا به ، فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم . رواه البخاري .
والرواية الأخرى عند البخاري : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها .
فالمحب يُجامل ويُداري محبوبه
والمُبغِض يُنافق مبغوضه !
وقد يمـرّ الشخص الواحد بموقفين مُتماثِلين ، فيُداهن ويُنافق في أحدهما ، ويُداري ويُجامل في الآخر
فعلى سبيل المثال :
يقول لك أبوك شيئا ، أو يقترح أمراً ، وتكون لا توافقه فيه ، فتسكت مُجاملة له ، ومُداراة لنفسه
ويقول لك رئيسك في العمل نفس المقترح ، أو نفس الكلام ، فتُوافقه مُداهنة ، ورغبة أو رهبة !
وقد يطلب منك أخوك سُلفة فتعطيه مجاملة ، وقد يطلبها رئيسك في العمل فتُعطيه نفاقاً !
والكريم يُجامل ويُداري ويُصانِع
واللئيم يُداهن ويُنافق !
ومِن هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن عليه رجل قال : ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بن العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام . قالت عائة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله قلتَ الذي قلت ، ثم ألنت له الكلام . قال : أي عائشة إن شرّ الناس من تركه الناس - أو ودعه الناس - اتقاء فحشه . رواه البخاري ومسلم .
وكان مِن مُداراة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يواجه الناس بما يكرهون .
وإذا غضب عُرِف ذلك في وجهه .
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً قط ؛ إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه . رواه البخاري ومسلم .
والرجل قد تأتيه زوجتك بطعام ، ولا يُعجبه فيُجاملها ، ويُداري خاطرها ، فهذه مجاملة ومُداراة ، وهي مطلوبة .
وهكذا ...
فالمجاملة والمدارة والمصانعة مطلوبة
ومن لا يصانع في أمور كثيرة = يُضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم !
والمداهنة والنفاق ممنوعة .
والله ولي التوفيق .