الحمد لله كثيرا والصلاة
والسلام على الهادي بشيرا ونذيرا وبعد السلام عليكم ورحمة الله احبتي في
الله قال احد الحكماء من كان بالله أعلم كان له أخوف " قال تعالى انما
يخشى الله من عباده العلماء .
فإذا زاد العلم بالله عز وجل زاد الخوف منه سبحانه وتعالى وزاد الحرص على
النِعم التي أنعمها الله عز وجل والتي من أهمها نعمة الإيمان وقد وعد
القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة للخائف بالفوز بالجنة والنجاة من
النار .قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان قال صلى الله عليه وسلم في
الحديث القدسي : ( قال الله عز وجل : وعزتي و جلالي لا أجمع على قلب عبدي
خوفين ولا أجمع له أمنين فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإن
خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة )
وفي هذا السياق يقول الامام ابن الجوزي رحمه الله في مواعظه اعلموا
إخواني: من علم عظمة الإله زاد وجله، ومن خاف نقم ربه حسن عمله، فالخوف
يستخرج داء البطالة ويشفيه، وهو نعم المؤدب للمؤمن ويكفيه0 قال الحسن:
صحبت أقواماً كانوا لحسناتهم أن تُردَّ عليهم أخوف منكم من سيئاتكم أن
تعذبوا بها0
ووصف يوسف بن عبد المحسن فقال: كان إذا أقبل كأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا
جلس كأنه أسير من يضرب عنقه، وإذا ذكرت النار فكأنما لم تخلق إلا له0 وكان
سميط إذا وصف الخائفون يقول: أتاهم من الله وعيد وفدهم، فناموا على خوف
وأكلوا على تنغصٍ0
واعلم أن خوف القوم لو انفرد قتل، غير أن نسيم الرجاء يروح أرواحهم، وتذكر
الإنعام يحيى أشباحهم0 ولذلك روى: (لَو وُزِنَ خَوفُ المؤمن ورجَاؤه
لاعتدلا)0
فالخوف للنفس سائق، والرجاء لها قائد، إن ونت على قائدها حثها سائقها، وإن
أبت على سائقها حركها قائدها مزيح الرجاء يسكن حر الخوف، وسيف الخوف يقطع
سيف - سوف - وإن تفكر في الإنعام شكر وأصبح للهم قد هجر، وإن نظر في
الذنوب حذر، وبات جوف الليل يعتذر، وأنشد:
أَظلَت عَلينا مِنكَ يوماً سَحابةً ... أَضَاءَت لَنا برقاً وأَمطَرتنا
فَلا غيمَها فيائسٌ طامعٌ ... ولا غَيثَها باقي، فيروى عطاشها
وفي الختام أذكر نفسي واخواني ، بأن في الخوف من الله عز وجل أمان من كل
خوفٍ آخر ، ففيما يهرب الخائف من غير الله عز وجل من الأسباب التي سببت له
الخوف ، يفرّ الخائف من الله عز وجل إليه لعلمه بأن لا أمان ولا راحة ولا
طمأنينة إلا معه ، اللهم اجعلنا ممن يخاف عقابك ويرجو ثوابك ، اللهم آمين .