تفيد أحدث النتائج في دراسات علوم الأرض أن كوكبنا مر بمرحلة من تاريخه القديم غمر فيها بالماء غمرا كاملا, فاختفت اليابسة تماما ثم فجر الله تعالي قاع هذا المحيط الغامر بثورة بركانية ظلت تلقي بحممها فوق قاع هذا المحيط الأول حتى تكونت سلسلة جبلية في وسطه تشبه مايعرف اليوم باسم حيود أواسط كل المحيطات, وهي سلاسل من الصخور البركانية والرسوبية المختلطة, تجري بطول أواسط المحيطات الحالية, وتغذيها الأنشطة البركانية باستمرار, علي فترات من النشاط والخمود حتي تظهر بعض قممها فوق مستوي سطح الماء في المحيط لتكون عددا من الجزر البركانية مثل كل من جزر هاواي, واليابان, والفلبين, وإندونيسيا وغيرها.
والسلسلة الجبلية التي تكونت فوق قاع المحيط الأول الغامر للأرض ظلت تنمو بتواصل نشاطها البركاني حتى برزت أول قمة منها فوق مستوي سطح الماء فكانت أرض مكة المكرمة, فأمر الله ـ تعالي ـ ملائكته بمباركة هذه القطعة الأولي من اليابسة وبناء الكعبة المشرفة عليها, ولذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
* "كانت الكعبة خشعة علي الماء فدحيت منها الأرض"( الهروي, الزمخشري)
وقال عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم:
* "دحيت الأرض من مكة فمدها الله تعالي من تحتها فسميت أم القرى"( مسند الإمام أحمد)
* وفي شرح هذين الحديثين الشريفين ذكر كل من ابن عباس رضي الله عنهما وابن قتيبة( أرضاه الله) أن مكة المكرمة سميت باسم أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها لكونها أقدم الأرض. و(الدحو) في اللغة هو المد والبسط والإلقاء, وهي كلمة جامعة للتعبير عن ثورة البركان الذي يوسع من امتداد طفوحه البركانية كلما تجدد نشاطه وذلك بإلقاء مزيد من تلك الطفوح. وقد ظلت الثورات البركانية فوق قاع المحيط الأول تلقي بحممها حتى تعددت الجزر البركانية فيه وبدأت تتلاحم حتى وسعت من مساحة اليابسة مكونة كتلة أرضية واحدة تعرف باسم القارة الأم أو أم القارات(PANGAEA). ثم شاءت إرادة الله سبحانه وتعالي أن يفتت تلك القارة الأم بشبكة من الصدوع إلي القارات السبع التي نعرفها اليوم, وكانت هذه القارات أشد قربا إلي بعضها البعض من أوضاعها الحالية ثم أخذت في الانزياح متباعدة عن بعضها البعض حتى وصلت إلي أوضاعها الحالية. ولاتزال قارات الأرض السبع في حركات مستمرة, ولكنها حركات بطيئة لايشعر بها الإنسان وإن أمكنه قياسها. :r8e8: