إن من أجمل وأهم الأحوال بالحياة حال الشبع بعد الجوع وحال الغنى بعد الفقر وحال المطر بعد الجدب وحال الدفء بعد البرد
ولكن .. بمناسبة قرب فصل الشتاء لنتأمل في ذلك الحال الأخير الدفء بعد البرد فبعد أن تكون مُعرَّض للبرد القارس خارج بيتك
ثم تدخل مأواك فتفرك يدك بالأُخرى وتجلس أمام المدفأة
فتدفأ ويزول ذلك الشعور المزعج ثم تأخذ لك كوب من شراب دافئ فتشعر بشعور مبهج
يمر نهارك مسرعاً كمر السحاب
فتتشوق لتأوي الى فراش وثير دافئ فتأخذ قسطاً وفيراً من الراحه في ليل شتاء طويل
برأيك ما أهم سبب يجعلك تترك هذا النعيم تترك هذا الدف هذا الفراش المريح ؟!
وما قولك في شخص يتركه ويذهب ليسكب على نفسه الماء البارد ؟!
إنسان غريب أليس كذلك ؟!
لكن .. طوبى للغرباء قد جعل حرارة الإيمان تصهر برد الشتاء
فقد ذهب ليناجي ربه ويستغل ليلاً طويلاً
طال الليل فكان فرصة لقائم يصلي ويستغفر أو قارئ قراّن يتلوه ويتدبر
غير شتائك الى ربيع
فالشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات
ويصلح دين المؤمن بالشتاء
ففي النهار يصوم لقصره وبرودته فلا يشعر بمشقة الصيام
وفي الليل يقوم لطوله ويحظى بفضل كبير والناس نيّام
فما من شيء أسمى وأجل من أن تلبي نداء رب العزَّة لك
فقد قال عمر رضي الله عنه: ( الشتاء غنيمة العابدين ).
وقال ابن مسعود: ( مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام ).
وقال الحسن: ( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه ).
ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام، وفي نهاره بعدم الصيام.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى من تبعه بإحسان الى يوم الدين
منقول من اجل عيونكم