[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هناك علاقة عميقة، قديمة ومتجددة، بين تناول المشروبات الكحولية وتضرر الكبد، شكلاً ووظيفة. ودرجات التضرر المباشر على الكبد، جراء تناول الكحول، تتفاوت ما بين تضرر بسيط وحصول التهابات حادة مهددة لسلامة حياة الإنسان.
كما أن التأثيرات البعيدة المدى على الكبد، نتيجة لتناول الكحول، قد تصل إلى حد تلف الكبد وفقدها القدرة على العمل جراء حصول تغيرات في تركيب بنيتها، أي ظهور الإصابة بتشمع أو تليف الكبد.
وهو ما قد يكون الحل العلاجي له اللجوء إلى عملية استبدال الكبد عبر زراعة كبد جديدة، إن توفرت الظروف لذلك.
بالرغم من أن التضرر والتلف اللذين يطالان الكبد، بفعل تناول الكحول، يُمكن وقفهما وإعادة عقارب ساعتهما إلى الوراء، إلا أن هذا «الأمل» لا يحصل إلاّ عند التوقف عن تناول الكحول تماماً، والأهم من هذا عند البدء في الامتناع عنه خلال المراحل المبكرة جداً من تأثر الكبد بالكحول.
أعراض الحالات
الحالات المتوسطة الشدة من التهابات الكبد الكحولية Alcoholic Hepatitis ، قد تحصل دونما التسبب بظهور علامات واضحة تدل عليها، أي أن التهاب الكبد الكحولي قد يحصل ويستمر في تفاعلاته الضارة على الكبد، دونما تصريح يستشف منه الشخص، أو طبيبه، أن ثمة مشكلة تتفاقم أحداثها داخل الكبد.
إلاّ أن استمرار المشكلة، واستمرار الشخص في تناول حتى الكميات القليلة من الكحول، يُؤدي إلى تطور المشكلة وزيادة تضرر الأنسجة الكبدية، وبالتالي بدء ظهور أعراض وعلامات تقول بأن ثمة مشكلة كحولية متفاقمة في الكبد.
وتشمل الأعراض المتأخرة تلك:
- تدني أو فقد الشهية لتناول الطعام.
- الشعور بالغثيان، أو القيء، وربما مصحوب بخروج الدم معه.
- ألم في البطن، خاصة في الجهة اليُمنى منه.
- اصفرار لون الجلد، كذلك لون بياض العين، أي «يرقان» Jaundice.
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- انتفاخ حجم البطن نتيجة لتجمع السوائل في تجويفه.
- إجهاد بدني ونفسي.
- تشوش ذهني.
- جفاف الفم.
- عطش غير معتاد.
- شحوب في لون الجلد.
- زيادة غير متوقعه في وزن الجسم.
والمهم في هذه الأعراض المتنوعة، أنها قد تظهر جميعها أو بعض منها وبدرجات متفاوتة في الشدة. وغالباً تسوء الأعراض تلك بُعيد تناول كمية من الكحول.
الأطباء في «مايو كلينك» بالولايات المتحدة، تقول بضرورة مراجعة الطبيب عند بدء الشكوى من أي منها، خاصة عند بدء الشعور بالإعياء والتعب البدني حال بذل مجهود بدني عادي. وظهور أعراض كقيء الدم أو إخراج البراز الأسود اللون، أو حصول حالات من اختلال الوعي والتشويش الذهني واضطرابات النوم، مما يتطلب مراجعة مستعجلة لقسم الإسعاف بالمستشفى.
الكبد والجسم
وفي جسم الإنسان، تُعتبر الكبد أحد أهم مراكز إجراء العمليات الكيميائية الحيوية. لذا، على سبيل المثال، تكون حرارة الكبد أعلى درجة بالمقارنة مع كل أعضاء الجسم الأخرى.
وفي الكبد يتم حصول مئات من التفاعلات الحيوية الكيميائية، مثل معالجة تحليل المواد الغذائية التي تم امتصاصها من الطعام، وإنتاج مكونات سائل المرارة الأصفر، وإنتاج العناصر اللازمة لتفاعلات عملية تخثر الدم التي تحصل عند الجروح وغيرها، وتخليص الجسم من السموم، والتعامل الكيميائي مع مركبات الأدوية، والتعامل مع المواد غير الغذائية التي يتناولها البعض والتي يُعتبر الكحول من أهمها وأكثرها ضرراً على أنسجة الجسم إذا ما وصلت كميات كبيرة منه إليها.
وبالرغم من أن الأطباء يعتبرون الكبد «العضو العجيب» في قدراته على إعادة ترميم ما أصابه من ضرر وتلف Regeneration ، في خلاياه وتراكيب أنسجته، إلاّ أن تكرار الأذى على الكبد بفعل تكرار تناول المشروبات الكحولية يُؤدي إلى فقد الكبد لقدرة إعادة ترميم وتصليح بنيتها وخلاياها. وبالتالي تصل الحال بالكبد إلى تلف «لا عودة عنه».
وتشير مصادر طبّ الكبد إلى أن خلايا الكبد تُحاول تخليص الجسم من الكحول. وهو ما يتم من خلال تحويل مُركّب إيثانول" Ethanol الكحولي، الموجود في النبيذ والبيرة والمشروبات الكحولية المُقطّرة Liquor ، إلى مُركّب أسيتاألدهايد Acetaldehyde. وهذا المركب يُثير تفاعلات التهابية تُتلف خلايا الكبد وتُدمر تماسك تركيبها.
وبالتالي تنشأ مناطق فيها ما يُشبه الجروح، وتنشط خلايا المناعة للتدخل وتسهيل زوال الالتهابات عنها. ومن ثم تتكون أنسجة مليئة بالألياف، بدلاً من أنسجة الكبد الصحية والنشطة في عملها.
ومع تكرار هذه العمليات، أي تكوين ندبات الأنسجة الليفية في داخل الكبد، تتطور حالة الكبد إلى مرحلة تليف أو تشمع الكبد Cirrhosis.
عوامل تزيد المشكلة
تناول الكحول بإفراط، ولمدة طويلة سبب في إصابة الشخص بأمراض الكبد الكحولية، لكن هناك عوامل قد ترفع من احتمالات حصول هذه المشكلة لدى منْ يتناولون كميات أقل من المشروبات الكحولية، أو يتناولون كميات كبيرة منها.
ويلعب العامل الوراثي دوراً مهماً في الأمر، وكما يقول الباحثون من «مايو كلينك»، فإن هناك تغيرات جينية تجعل أشخاصاً أكثر عُرضة إلى اختلال عملية قيام الكبد بالتفاعل مع الكحول، وبالتالي ترتفع لدى هؤلاء الأشخاص احتمالات نشوء أمراض الكبد الكحولية وأمراض الكحول السرطانية.
كما ان وجود حالات مُصاحبة لها دور في حصول التهابات بالكبد، عامل آخر في ارتفاع تضرر المرء من تناول الكحول. وهي بوجه خاص، التهابات الكبد الفيروسية، كفيروسي "سي» و"بي".
وفي هذا تقول إصدارات أطباء الكبد في «مايو كلينك» إن وجود فيروس «سي» لالتهاب الكبد لدى شخص ما يرفع من احتمالات إصابته بالتهابات الكبد الكحولية حتى عند تناوله كميات متوسطة من المشروبات الكحولية.
واحتمالات إصابة هذا الشخص الذي لديه فيروس «سي» بتليف الكبد تكون أعلى بالمقارنة مع شخص مماثل لا يتناول الكحول بأي كمية.
وثمة عامل مهم آخر، يغفل عن تأثيره كثير من متناولي المشروبات الكحولية، وهو عامل التغذية، ذلك ان للكحول تأثيرات مباشرة، وبمعزل عن الكبد، على نوعية ومستوى تغذية الإنسان.
ويقول أطباء الكبد في «مايو كلينك» ان كثيرا من الناس الذين يتناولون المشروبات الكحولية لديهم بالفعل «سوء تغذية».
وغالباً ما يكون السبب إحلال تناول الكحول محل تناول الأطعمة والمشروبات الصحية، أو أن يكون السبب في منع الكحول، والمواد الكيمائية الأخرى المُصاحبة لتناوله، استفادة الجسم من هضم وامتصاص وتحليل المواد الغذائية الموجودة بشكل طبيعي في الأطعمة التي يتم تناولها، خاصة البروتينات والفيتامينات والدهون.
وفي كلتا الحالتين، يكون سوء التغذية عاملاً مُضراً بسلامة حياة خلايا الكبد وقدراتها على العمل بنشاط وكفاءة.
واضافوا انه بالرغم من العلاقة المتشابكة بين نوعية ومستوى التغذية و تناول المشروبات الكحولية، بالنسبة لصحة الكبد، إلا أن ثمة دراسات وأبحاثا تقول في نتائجها إن حصول أمراض الكبد الكحولية أمر وارد حتى عند تناول التغذية الجيدة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]