القراءة السريعة والقراءة التصويرية أصبحتا اليوم علماً يدرس؛ نظراً لحاجة الناس إليهما وكذلك لإنسجامهما مع طبيعة هذا العصر، وكم من الأوقات يمكن اختصارها بهذا النوع من القراءة، وكم من الفائدة يمكن جنيَها عند ممارسة هذا النوع من القراءة.
إنّ القراءة التقليدية (العادية) هي أن تقرأ (160-250) كلمة في الدقيقة، أمّا القراءة السريعة فهي أن تقرأ (500-3000) كلمة في الدقيقة، أمّا القراءة التصويرية فقد تصل قراءتك إلى (25.000) كلمة في الدقيقة، فانظر إلى الفارق الكبير بين هذه الأنواع الثلاثة من القراءة.
كما أنّ القراءة السريعة لا تكون على حساب الفهم والاستيعاب، بل أثبتت بعض الدراسات أنّ الاستيعاب في القراءة التقليدية يكون (45-55%)، بينما الاستيعاب في القراءة السريعة يكون (60-65%)، والاستيعاب في القراءة التصويرية يكون (70-75)، وهذا يعني أنّ الفهم والاستيعاب لا يزداد عند القراءة التقليدية البطيئة.
إنّ الله أودع في الإنسان قدرات كبيرة تؤهله لممارسة السرعة المتعلّقة في حياته، فسرعة القراءة لدى مخ الإنسان تبدأ من (550) كلمة في الدقيقة، ويمكنه الاستيعاب بسرعة 50 ألف كلمة في الدقيقة، كما أنّ عين الإنسان تلتقط 8 ملايين صورة في الثانية، وتميّز 12 مليون لون في الثانية، فسبحان الله أحسن كل شيء خلقه.
إنّ صناع التأثير حريصون على أوقاتهم، لذا كان الإمام الشافعي – يرحمه الله – يمارس القراءة التصويرية، حيث كان سريع الالتقاط، إذ كان يقرأ صفحة ويغطي الصفحة المقابلة لها.
كما أنّ الرئيس الأمريكي الأسبق "روزفلت" كان يقرأ كتاباً كاملاً في اليوم قبل تناول طعام الإفطار، أمّا الرئيس الأمريكي الأسبق "جون كينيدي" فقد كان يقرأ 1200 كلمة في الدقيقة.
لقد علمتنا المدارس كيف نقرأ، ولم تعلمنا سرعة القراءة، وهما نوعان مختلفان من التعليم، إنّ الفرق بينهما يشبه الفرق بين الرجل العادي والعدَّاء، فكلنا يستطيع المشيء والجري، ولكن العداء يجري أسرع.
القراءة السريعة هي الفن المنسي، فمعلمونا لم يهتموا بتعليمنا سرعة القراءة بقدر ما اهتموا بتعليمنا أساسيات القراءة، فتوقفنا عند المستويات المتدنية من سرعة القراءة التي تعلمناها في المدرسة. لقد كان العصر الماضي عصر تعليم القراءة، أمّا العصر الحالي فهو عصر سرعة القراءة. (باتريشيا هتشينجز، غدارة الفوضى، نشرة خلاصات، العدد 229، يوليو 2002م، الشركة العربية للإعلام العلمي، القاهرة، ص2).
وسُئل أحد الحكماء: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: "لأن حياة واحدة لا تكفيني".
وأنصحك بأنّ تنظِّم أوقاتك، وألا تدع حياتك هملاً، ولا تكن كالحطّاب، الذي كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم تكن حادة؛ إذ إنّه لم يشحذها من قبل، فمرّ عليه شخص ما فرآه على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ فقال الحطاب وهو منهمك في عمله: لا وقت عندي؛ ألا ترى أنّني مشغول في عملي؟! فمن يقل: إنّه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم حياته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة!